بإختصار
عصام فطيس
جوانب إنسانية
لم تفرز المعارك الاخيرة التي تدور رحاها على تخوم طرابلس منذ اكثر من شهر بين اخوة الدم والمصير في ليبيا عن الجانب المظلم لهذه الحرب والمتمثل في سقوط قتلي وجرحي وتدمير للممتلكات العامة والخاصة ونزوح للآلاف من المواطنين من مناطق الاشتباكات ، وهو المحصلة الطبيعية لمثل هذه المعارك ، خاصة في ظل تنامي خطاب الكراهية والتحريض على العنف والقتل من أشباه الاعلاميين والصحفيين والمدونين الذين ابتلينا بهم منذ العام 2011 ودأبو على إثارة الراي العام .
وسط هذا المناخ المحبط والمأساوي وحالة من الفوضي والتخبط التي اصابت المزاج العام لليبيين ظهر الوجه الاخر للحرب ، جانب يؤكد على ان كل ما حدث ويحدث هو امر طاريء وسحابة صيف وان طال أمدها ، وان مآل الشعب الليبي العودة لحياته الطبيعية وان طال امد الحرب والعنف والقتل .
شباب وفتيات ، صغار وكبار ، كانوا اقوي من هدير المدافع ودوي الانفجارات وأزيز الرصاص ، ليسوا من نجوم إعلام الفتنة والتحريض والقتل ، لم تنجح الظروف المحيطة بهم وشعار (اخطي راسي وقص) في ثنيهم عن مد اليد العون والمساعدة الى كل من هو محتاج الى ذلك معرضين ، منهم من قبل ان يعرض نفسه للخطر مقابل ان يحيا الاخرين ،متطوعو الهلال الأحمر الليبي الذين يقدمون ارقي صور ومظاهر العمل الإنساني بعيدا عن شاشات القنوات الفضائية ، وفِي مناطق التماس ومحاور الاشتباكات ، وعشرات بل مئات الليبيون الذين فتحوا بيوتهم دون مقابل لاستقبال اخوانهم الذين اضطرتهم ظروف الحرب الى النزوح من منازلهم وتقديم كامل الدعم لهم لتجاوز هذه الاوضاع السيئة ، عشرات بل مئات الفتيات والسيدات اللواتي يقمن بتقديم وجبات الإفطار والسحور للعائلات التي اضطرت للنزوح ، والذي لفت الانتباه اكثر ان أغلبهن في مقتبل العمر ، ولَم ينشغلن بالجري وراء توافه الامور من عينة اجمل مطرب اجمل ممثل ، اخر صيحات الموضة .
وعلى سبيل المثال لا الحصر نموذج اخر مضيء نفتخر به متمثلا في الشيخ عادل العريفي وفريق العمل الرائع الذي معه والذي نجح في تقديم يد العون والمساعدة لآلاف الحالات الانسانية التي تحتاج الى المساعدة ، وهو دور كان من المفترض ان تقوم به الجهات التنفيذية في بلادنا ولكن منذ متي كانوا يلتفتون لهذه الطبقات المسحوقة ؟
هذه هي النماذج المضيئة التي تؤكد ان روح الخير والنقاء موجودة لدي ابناء شعبنا التي لم تنجح سنوات الجمر في ازالتها من نفوسهم والقضاء عليها .
والى ان يتوقف العبث بمصائر الليبيين تشرع نافذة الأمل في ظل وجود جوانب إنسانية تعلي قيمة الانسان وان عظمت الاختلافات .