تأمين الغذاء لآلاف البشر وتلبية احتياجاتهم، وسط بحر رمال لا ترحم، وبين براثن طبيعة قاسية ينذر الماء فيها، يعتبر أحد أبرز التحديات التي تواجه نشوء الحضارات، وأكثر ما يقف عائقاً أمام تقدمها وازدهارها.. وهذا ما ينطبق تماماً على مملكة جرمة التي سادت على مساحات شاسعة من الصحراء مترامية الأطراف، ليطفو السؤال كيف عاش الجرمنت وأسسوا لحضارتهم؟.. وظل هذا اللغز ضالة علماء الآثار، إلى حين الكشف عن الأنفاق المائية التي حققت الأمن المائي لمملكة الصحراء الجرمانتية.
كشفت أعمال مشروع البحث الأثري الذي أجراه خبراء بريطانيون طيلة العقود الماضية، فيما يعرف بمشروع ” الجرمنت في فزان”، عن دلائل تؤكد أن الجرمنت أسسوا حضارة استثنائية وسط الصحراء الكبرى، تؤشر إلى ممارستهم التجارة بمهارة عالية، وتحقيق نجاحات باهرة في التصنيع، واستخدام تقنيات متقدمة في إنتاج المعادن وصناعة الزجاج والأحجار الكريمة، وبعبارة أخرى مملكة (جرمة) استوفت جميع المعايير التي تحدد عناصر ومقومات الحضارة، بما في ذلك فلاحة الأرض وانتاج المحاصيل الزراعية، والاستعانة بطرق ري متطورة، أدارها الجرمنتيون بكفاءة منقطعة النظير، تتجلى مفرداتها في الممرات الأرضية الضخمة والقنوات المخفية التي كانت تحتاج إلى مجهود 70 ألف رجل لإنجازها.
وظلت تلك القنوات المعروفة بالفقارات سراً من أسرار بقاء ونمو مملكة الصحراء وإزدهار عاصمتها طيلة قرون طويلة، الأمر الذي وقف الكثير من علماء الآثار أمامه بإنبهار وإعجاب كبيرين، إلى الحد الذي دفع الأستاذ ” ديفيد أدواردز” من جامعة (لستر ) إلى القول ” إن العمل الذي قامت به هذه الأقوام مذهل” ، بسبب الجهد المبذول في شق القنوات وصيانة المسارات لتؤدي دورها في إقتصاد جرمة، وانعاش الحياة وتأمين لسبل العيش والإكتفاء الذاتي من الغذاء سكانها، خصوصاً إذا ما علم أن عدد الفقارات الجرمنتية يتجاوز 550 فقارة تتعدى أطوالها مئات الآلاف من الكيلو مترات على إمتداد وادي الحياة والجفرة إلى منطقة مرزق ووادي الشاطئ.
والفقارات عبارة عن قنوات لجر المياه محفورة تحت سطح الأرض بشكل مائل من المنحدرات الجبلية، تتخللها حفر عمودية أو “الممرات العمودية” علي مسافات محددة لدفع المياه بالضغط الطبيعي وضمان وصولها إلى أطول مسافة ممكنة، وتنظيف القنوات من الأوساخ وتهؤيتها، وكان للفقارة قناة واحدة أو أكثر يصل طولها مابين نصف كيلو متر وأربعة كيلو مترات ونصف، وبلغت المسافة بين الممرات العمودية مابين 3 – 10 أمتار، وقد تصل أحياناً إلى 15 متراً، في حين يتراوح عمق البئر مابين 40 سم إلى 9 أمتار، تنتهى إلى قنوات سطحية أو مستجمعات مياه وسط المناطق الزراعية، وكان التحكم فى كميات المياه المتدفقة إلى المزارع يتم بواسطة حجارة مسطحة حادة الأطراف تفتح وتغلق يدوياً.
ويمكن اليوم مشاهدة الفقارات على أغلب أراضي الصحراء الممتدة من مرزق إلى وادي الشاطئ حتى الجفرة ووادي الحياة من الأبيض في الشرق بلوغاً ” تين أبوندا” في أقصى إمتداد الوادي من جهة الغرب، وهي تعطي صورة جيدة عن الري في مملكة جرمة، ويمكن تتبع قنواتها من المنحدرات الجبلية التي تحد البلدات إلى الأراضى المنخفضة وسط الوادي.
يسرني وبكل فخر أن أتقدم بأصدق آيات التهاني والتبريكات لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية المغربية بمناسبة…
د.علي المبروك أبوقرين للتذكير جيل الخمسينات وانا أحدهم كانت الدولة حديثة العهد وتفتقر للمقومات ،…
د.علي المبروك أبوقرينقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 ديسيمبر 2007 على أن يكون 14…
في حلقة جديدة من برنامج كلام الناس 22 سلطت الضوء على أسباب سيطرة المنتجات المستوردة…
د.علي المبروك أبوقرين في نهاية الأربعينات وقبل إستقلال البلاد بمدة بسيطة , وفي ضواحى طرابلس…
د.علي المبروك أبوقرين الأعداء المتربصين بالوطن لهم أهدافهم الواضحة ، ويسعوا جاهدين لتحقيقها ، مستخدمين…