التصنيفات: كتاب الرائ

أسعار الخبز .. أزمة طحين أم فساد طحان ؟

فيصل الهمالي

دبابيس

أسعار الخبز .. أزمة طحين أم فساد طحان ؟

فيصل الهمالي

وسط زحام الأزمات التي تعصف بالمواطن الليبي المطحون ، لا تزال أزمة الرغيف تحتل مرتبتها الأولى ، فبين غلاء أسعارها ، وتناقص وزنها ، وتضائل حجمها ، ورداءة جودتها ، ليس بوسع رب الاسرة إلا الوقوف في طوابير المخابز ليشتري مُكرهاً ما يسد رمق أبناءه من أرغفة خبز قد تكون صالحة للاستهلاك البشري نسبياً ، صلاحيتها تنتهي بمجرد تعرضها للهواء لساعة أو أكثر ، لتتحول إلى علفاً حيوانياً يمنح “دوابنا” شعوراً بالترف ، وليست الدواب فقط تلك التي تنهش الخبز المبلل بالماء ، بل من فصائلها أولئك الذين سرقوا الكيل والميزان ، وأخبرتنا عنهم بعض من آيات القرآن .

في الواقع لا أستثني نفسي وبقية أفراد هذا الشعب البائس من فصيلة الدواب ، من حيث الطباع لا التركيبة الخلقية ، إلا أننا من أضعف أنواعها وأكثرها أُلفة ، فصيلة  اعتادت بمرور الزمن أن تكون خانعة ، من خلال عملية تطويع ممنهج ، وتجويع مدروس ، جعلها ترضى بما تجد ، ولا تطالب بما يجب ، تتلقف ما يُرمى لها من زاد ، بعد أن أرهقها الوقوف مطولاً في طوابير المخابز ، أو اتعبتها رحلة بحث عن مخبز قد يكون أفضل السيئين ، متخذاً من طول رغيف الخبز معياراً أساسياً  للجودة ، في حين بات الحديث عن الشروط الصحية مدعاة للسخرية ، أو الاتهام بالتعدي على حقوق “السويسريين”  ما قد يستفز حلف شمال الأطلسي ويجبره على التدخل بقوة ، هذا إن لم يُرمى السائل بتهمة التشبه بالغرب الكافر ، لينتهي بذلك نقاشاً عقيماً مع مالك مخبز أو “طحان” .. حياهم الله وبياهم أجمعين .

في المجتمعات الحية ، تحسب الحكومات ألف حساب قبل أن تتخذ قراراً بزيادة بضع ملاليم على أسعار الخبز ، فهي تعرف يقيناً ماذا يعني المساس بأهم سلعة تمثل أساس قوت الشعب ، وتعي تماماً أنها بذلك قد توقظ الشعب من سباته ، مستشعراً خطر الجوع الذي لن تعد الحياة معه ذات معنى ، ما قد تترتب عليه نتائجاً سلبية وعواقب وخيمة ، على البلاد وأصحاب القرار معاً .

أما في المجتمعات الميتة سريرياً ، فحجة ارتفاع اسعار الدقيق كفيلة بحسم الأمور ، وتهدئة الموقف واقناع عامة الشعب بأنها مجرد غيمة ستنقشع قريباً ، فتصريحات المسؤولين فاقت في تأثيرها مفعول الحقن المخدرة على مدى سنوات ، اذ حملت الكثير من الوعود بإعادة الأمور إلى نصابها ، قرارات بدعم أسعار الطحين ، وتوفير الموازين ، وضبط الأسعار ، ومحاسبة كل سمسار ، إلا أن اسعار الرغيف ورداءة جودته وسرقة وزنه بقت على حالها لم تتغير بعد ما طرأ عليها من زيادة رهيبة ، رغم ما شهدته اسعار الطحين من انخفاض إلى النصف تقريباً منذ وقت قريب مضى ، الأمر الذي يمنحنا برهاناً بأن أزمة الخبز ليست رهناً بأسعار الطحين ، بل بنزاهة الطحان ..  ولكن علينا أن نعرف أولاً من هو “الطحان” .. وللحديث بقية .

 

منشور له صلة

الدكتور بوقرين يهني المغرب بنجاح أول عملية جراحية روبورتية

يسرني وبكل فخر أن أتقدم بأصدق آيات التهاني والتبريكات لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية المغربية بمناسبة…

يومين منذ

صلاح البلاد في إصلاح التعليم.

د.علي المبروك أبوقرين للتذكير جيل الخمسينات وانا أحدهم كانت الدولة حديثة العهد وتفتقر للمقومات ،…

3 أيام منذ

اليوم العالمي للسكري

د.علي المبروك أبوقرينقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 ديسيمبر 2007 على أن يكون 14…

6 أيام منذ

كلام الناس يكشف أسباب استيراد السلع من الخارج وإهمال المنتجات الوطنية!

في حلقة جديدة من برنامج كلام الناس 22 سلطت الضوء على أسباب سيطرة المنتجات المستوردة…

6 أيام منذ

فاكانيتي والوباء والتطعيم

د.علي المبروك أبوقرين في نهاية الأربعينات وقبل إستقلال البلاد بمدة بسيطة , وفي ضواحى طرابلس…

أسبوع واحد منذ

ليست بالحروب وحدها تدمر الأوطان

د.علي المبروك أبوقرين الأعداء المتربصين بالوطن لهم أهدافهم الواضحة ، ويسعوا جاهدين لتحقيقها ، مستخدمين…

أسبوعين منذ