التصنيفات: كتاب الرائ

أين المصرف المركزي من هذا الهدر ؟

إدريس أبوالقاسم

نبض الشارع

أين المصرف المركزي من هذا الهدر ؟

إدريس أبوالقاسم

من المفارقات المضحكة المبكية أن حجة مصرف ليبيا المركزي الدائمة هي محدودية الموارد ، وعدم كفايتها لتغطية الميزانيات السنوية ، وبالتالي عدم قدرتها على تغطية أي مصروفات إضافية مفاجئة ، بما فيها فروقات الترقيات السنوية لموظفي القطاع العام ، وتسوية أوضاع المتقاعدين ، ومطالبات موظفو القطاعات الممولة من الخزينة العامة بزيادة مرتباتهم الضئيلة التي لم تعد قادرة على التصدي لوتيرة التضخم المتسارعة .

وفي مقابل هذه الحجة ، يتجاهل الهدر الذي أجبر عليه المواطن دون رغبة أو إرادة منه ، ذلك الهدر الذي يعد بعشرات الملايين من الدولارات التي تتسربل من بين أيدي أرباب الأسر الليبية في كل مرة يأذن فيها المصرف المركزي بصرف مخصصات أرباب الأسر .

بفرضية أن عدد الليبيين 6 ملايين نسمة فقط ، ” مع أن الاحصائيات الرسمية تشير إلى أن العدد أكثر من ذلك بكثير ” ، فهذا يعني شحن بطاقات أرباب الأسر بما لايقل عن 3 مليارات دولار ، ولأن الصرف لا يتم بشكل نقدي مباشر عبر المصارف الليبية ، بل عبر ” رحلة الألف ميل ” المتمثلة في شحن القيمة في بطاقات ” الكردت كارد ” وهو ما يتطلب السفر الشخصي لسحب ما بها من رصيد، أو إرسالها ” بدون محرم ” عبر مكاتب الصيرفة والخدمات المالية مقابل مبلغ محدد .

ووفقا لهذه الإجراءات الملتوية فإن مخصصات أرباب الأسر لاتصل إلى أصحابها كاملة ، ذلك لأن المصارف الأجنبية تجبي نسب مئوية تصل إلى 7 بالمائة عن كل عملية سحب . وهو ما يعني ضياع مالا يقل عن 210 مليون دينار تذهب للمصارف الأجنبية مقابل سحب الثلاثة مليار دولار . وهذا بخلاف الفاقد الناجم عن عمليات سحب مبالغ العشرة آلاف دولار ، التي تتم معاملتها بنفس الأسلوب المتبع ببطاقات أرباب الأسر .

وبفرضية أن عدد الأسر الليبية في حدود 1250000 أسرة فإن متوسط عمولة مكاتب الصيرفة والخدمات المالية يبلغ 50 دولار عن كل بطاقة ، فذلك يعني أن 62 ألف و500 دولار أخرى تذهب إلى هذه المكاتب ، ولتكون المحصلة مخصصات أرباب أسر منقوصة .

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا .. ألا توجد طرق ووسائل إدارية ومالية تجنب المواطنين هذا العناء وهذا الهدر ، وتمكنهم من صرف مخصصاتهم نقدا ؟ ، وهل بذل المصرف المركزي جهدا في هذا الاتجاه ؟

أليست هذه المبالغ الذاهبة إلى لا شيء من حق أصحابها ، وهم أولى بها ؟. أليست هذه المبالغ فيما لو تم خصمها كلها أو جزء منها كأتعاب للمصرف المركزي نظير جهده في توفير هذه المخصصات نقدا ، كافية لحل أكثر من أزمة ومأزق مالي بالميزانيات العامة ؟

أم أن هناك أمر ما يختبئ وراء الأكمة ، يجعل المركزي يغض الطرف عن هذا الملف ؟ .  أم أن فاقد الشيء لا يعطيه ؟ .. وفي كل الأحوال فإن أي عذر هو أقبح من ذنب .

 

 

منشور له صلة

صحتنا

د.علي المبروك أبوقرين صحتنا ليست على ما يرام ، وتزداد سوء لأسباب عدة ، منها…

5 أيام منذ

الجمعية الليبية للفنون التشكيلية تنظم المعرض (سيمفونية)

شهد قصر درغوت بالمدينة القديمة (دار كريستا سابقاً)  مساء اليوم السبت الموافق 22 فبراير 2025م…

6 أيام منذ

الملاعب وطب الحشود

د.علي المبروك أبوقرينتحتفل مدينة بنغازي العامرة بأهلها الطيبين ومشاريعها المتلاحقة بافتتاح الملعب الرياضي الرئيسي بعد…

أسبوع واحد منذ

إلى من يهمه الأمر

د.علي المبروك أبوقرين لحماية صحة وحياة الناس ، وتخفيفا على كاهل المواطنين والمرضى وذويهم ،…

أسبوع واحد منذ

الصحة والإعلام والدعاية والاعلان

د.علي المبروك أبوقرين الإعلام الطبي والصحي له دور مهم وأساسي في التوعية المجتمعية ،  ونشر…

أسبوعين منذ

التمويل والتأمين للنظم الصحية

د.علي المبروك أبوقرين هناك لغط ومدارس ومفاهيم ونظريات في تمويل النظم الصحية وللأسف بلادنا تغرق…

3 أسابيع منذ