في ذروة الحديث عن الصحافة وحريتها المفقودة هذه الأيام, وتزامناً مع إحياء دول العالم المختلفة ليومها العالمي, لازالت معدلات الحريات الصحفية تسجل أرقاماً مفزعة !
وإذا كان تراجع الحريات الصحفية وغياب احترام المهنة في اغلب دول العالم الثالث يكاد يكون أمراً طبيعياً لعدة اعتبارات لايتسع المجال لذكرها, فإن انحدارها في دول كبرى لطالما صدرت لنا قيم الحريات الصحفية واستقلالية الوسائل الإعلامية واحترام سلامة الصحفيين، هو ما يدعو للاستغراب والتأمل والإحباط في آن واحد !
هي دول “ديمقراطية” تقدم نفسها المدافع الأول عن حرية الصحافة وحق النفاذ للمعلومة ومواثيق حقوق الإنسان، ولا تتوقف أبداً عن توجيه النقد وتصنيف الدول الأخرى وانظمتها في قوائم سوداء وربما فرض العقوبات اقتصاديا وسياسيا على من لا يلتزم بمعاييرها ! في الوقت الذي تمارس انواع اخرى من القمع والتضليل !!
في محيطنا – هو الأهم بالنسبة لنا – أصبحت منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط من أخطر المناطق في العالم لممارسة العمل الصحفي، ويكفي أن تكون أغلب دول هذه المنطقة في أخر التصنيف العالمي في السنوات الأخيرة، بسبب تضييق الخناق على فضاء الحريات العام، ما جعل وضع الصحافة خطيراً جداً خاصة بعد زلزال سقوط الأنظمة السياسية الذي ضرب شمال أفريقيا في 2011 ، حيث حصل عكس المتوقع، بعد أن تضاعفت الانتهاكات في حق الصحفيين والمؤسسات الإعلامية ، ولا سيما في الدول التي تعيش أوضاعا غير مستقرة سياسياً وأمنياً .
واقع مؤلم مليء بالانتهاكات لازال يكبل حرية الصحافة في أغلب الدول العربية ومن بينها ليبيا ، رغم أن الجميع يدعي احترام المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص صراحة على أن لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير،
واستقاء الأخبار والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية.
الحقيقة أننا لازلنا نعاني الإستبداد ولم يتغير شيء إلا هوية المستبد ..