الاقتصاديةتحقيقات ولقاءات

إرتفاع أسعار أسماكنا، والبحر على مرمى أبصارنا … الصيادون يدافعون والمسؤولون يتهربون

20% من أسطول الصيد متوقف

إرتفاع أسعار أسماكنا، والبحر على مرمى أبصارنا … الصيادون يدافعون والمسؤولون يتهربون

  • استطلاع وتصوير / وليد البكوش

إرتفاع مبالغ فيه في أسعار الأسماك، وصل لأرقام لايستطيع المواطن صاحب الدخل المتوسط أن يجاريها، وأصبحت أسواق الأسماك خليطا ما بين البضاعة المستوردة إلينا من الخارج وبين بضائعنا المحلية المرهقة بالتكلفة العالية.

رحلة الصياد تبدأ من تجهيز معداته لدخول البحر، وتنتهي عند إنزال صيده وبيعه في ميناء الصيد، ومابينهما إختارنا 

نجد لنا مكانا، بحثا عن جواب يُسكت تساؤلاتنا، (عن سبب الإرتفاع في أسعار سوق الأسماك ؟)

20% من أسطول الصيد متوقف

في بداية الموضوع طرقنا باب الرايس محمود رمضان نشنوش وهو رئيس النقابة العامة لصيادي الأسماك والإسفنج لمدة 20 سنة، حيث بدأ حديثه قائلا: ” طبعا  في حرفة الصيد يتعرض الصياد لعدة مشاكل وظروف صعبة ، وهي مهنة يطلق عليها مهنة الداخل المفقود والعائد المولود، ومن الله المنة أن بحرنا كبير وغني بالخيرات البحرية، ولكن هذا الأمر تعرض للإهمال والتهميش من قبل المسؤولين في الدولة”.

النقابة العامة تضم تحتها 13 نقابة، بداية من زوارة في أقصى الغرب حتى طبرق في أقصى الشرق، وتقديريا هناك من 4 الاف حتى 5 الاف صياد في ليبيا، أما عدد جرافات الصيد التي تعمل في هذه المهنة، فهو 20% من إجمالي الجرافات الموجودة في ليبيا.

وعن هذا الموضوع قال نشنوش “مثلا مدينة طرابلس لايوجد ميناء خاص بالصيد، وبالنسبة لميناء الشعاب فتواجدنا فيه في الفترة الأخيرة، وميناء باب البحر هو تراث بحري للصيد البحري في طرابلس، وننتظر إستكمال ميناء تاجورا للصيد.

وقال نشنوش “في ميناء الشعاب هناك 3 جرافات من أصل 13 جرافة تعمل فقط، والباقي إما عاطل عن العمل ويحتاج للصيانة، وخصوصا القوارب الكبيرة ذات 16 متر و 17 متر و 18 متر، وهي القادرة على جلب كميات كبيرة من الاسماك، وبأنواع مختلفة كالفروج وغيرها، وهذا ينطبق على جميع مواني ومرافي الصيد في ليبيا، وبالمناسبة لايوجد بنية تحتية وإن وجدت فهي مهملة جدا”.

عزوف الشباب الليبي عن مزاولة مهنة الصيد

وعن هذا الامر أكمل الرايس محمود حديثه ” هناك عزوف كبير من العنصر الوطني للعمل في هذا المجال، مما جعل أصحاب قوارب الصيد يستعنون بالكوادر الاجنبية، وهي عملية مكلفة جدا، فمثلا العامل من مصر الشقيقة، كانت تكلفة قدومه حوالي 80 دينار إلى ليبيا، واليوم أصبحت تصل حتى 7000 دينار وأيضا توقف العديد من الجرافات لهذا السبب، وهناك عزوف كبير من الشباب الليبي على هذا المجال، وغياب مراكز التدريب المختصة في الصيد البحري”.

كما تطرق الرايس لموضوع الصناعة البحرية في هذا الجانب “الصناعة البحرية دمرت بالكامل، والمستفدين من هذا هم السماسرة والتجارة، وهذا ليس وليد هذه السنوات فقط، فمن المخجل أن نستورد الأسماك والمنتجات البحرية، وهي لا تبعد علينا إلا أمتاراً قليلة، وبسبب الإهمال للثروة البحرية تنازلنا على فكرة أن يكون على شواطئنا مصانع لتعليب الأسماك، وأن تصل المنتجات لكل المدن الليبية وليست الساحلية فقط، وهذا سيوفر العديد من فرص العمل سواء في البحر، أو في اليابسة، ويضمن للصياد العديد من الحقوقه بعيدا عن الاحتكار والاستغلال”.

أما عن مراقبة الأسعار فقال ” إنها  ليست من إختصاص الصياد ولايسطيع التحكم حتى فيها، لأن الموضوع متعلق بالعرض والطلب، وأيضا الصياد عند عودته من البحر يبيع صيده، تم يتجهز للعودة مرة أخرى، وعملية البيع ليست من إختصاصه”.

وإختتم حديثه “عندما نكون في عرض البحر فإن السياسة وإنقسامتها لاتعنينا شي، فعندما يتعطل قاربي فإن من سيأتي لإنقاذي هو صديقي الصياد وإن كنت في خلاف معه، وإن تأخرت في العودة فسيأتني فورا، وليس المسؤول الجالس في مكتبه، ولهذا نحن الصيادون من كل ليبيا في ود تام”.

الصياد لايستطيع إصلاح قاربه

فتحي الزقوزي هو الأخر له في البحر سنوات ليست بالقليلة، إختصارتها حماسته وهو يصف لنا الوضع الذي وصل إليه الصياد الليبي اليوم من معاناة في كل جوانب مهنته، وتكلم عن موضوع الصيانة وشراء معدات الصيد قائلا ” أنا عنيت كثيراً من هذه المشكلة، فلدي قارب متوقف قرابة السنة، والسبب أنه يحتاج إلى محرك بقيمة 11 ألف دينار، ونفس هذا المحرك كانت تجلبه لنا جمعية الصيادين بملغ ألفين دينار”.

وأضاف ” توفر معدات الصيد حاليا هي أكبر العراقيل التي تواجه الصياد، والامر يرجع لغلاء سعر التكلفة مقارنة في المواسم الماضية، وأيضا هذه المعدات غير متوفرة في السوق المحلي، إضافة إلى عدم وجود ورش صيانة خاصة بقوارب الصيد في منطقة طرابلس، ولا حتى نجاري الصيانة، مما يجعل الصيادين يذهبون بقواربهم إلى مدينة زوارة والخمس لغرض الصيانة”.

كما قال ” إن معدات الصيد معرضة وبكثرة للأعطال، فهناك مثلا شباك الصيد كانت ب5 دينار، حاليا سعرها ب 50 دينار، وهذا الفرق يعود على الصياد”.

الهجرة غير الشرعية قسمت ظهرنا

عدنا للرايس محمود لنكمل مع الحوار، ولكن لنقطة أخرى، عن أسباب عزوف العديد من الجرافات عن الصيد، وسلكها طرق أخرى، فكانت إجابته “هناك العديد من القوارب تركت الصيد واتجهت للتهريب والهجرة الغير الشرعية، وهذه الفئة أسائت كثير لمهنتنا،  ومن جهة أخرى مياهنا الإقليمية مستباحة بالكاملة ومن كل الدول المحيطة بنا على حوض البحر المتوسط، وهناك أيضا تجارة في ثرواتنا البحرية في عرض البحر، فمثلا اليابانيون يأتون باستمرار لشراء التونة وغيرها، وكل هذا على حساب رصيدنا البحري،وكثيرا منهم يستخدم في شماعة مكافحة الهجرة الغير شرعية ليفعل مايشاء داخل مياهنا الإقليمية، ونحن نعلم أن هذه الدول تملك من الامكانيات التقنية الكثير، ومن السهل عليها تجاوز كل شروط الصيد المتعارف عليها، وجرف لذا لها وطاب من خيراتنا، عكس جرافتنا الليبية التي تتعرض لمضايقات كثيرة عندها خروجها للصيد”.

 

المكسب الفوري جعل الصيد الجائر جائزا

عبدالله الزويكي هو الأخر صياد له باع في هذه المهنة، فضًل أن يتطرق لظاهرة تفجيرات الجلاطينة، فقال عنها” إنها أضرت بالبيئة البحرية كثيرا، والصياديون دائما يشكون من هذه العادة السيئة، وهذا بسبب غياب الجهات الامنية، ونحن كصيادين أبناء هذه المهنة نعي جيدا مخاطرها اكثر من غيرنا، لان هذا المخزون البحري هو مصدر رزقنا وسنورثه للاجيال التي تأتي بعدنا، أما الربح الفوري و قتل الثروة السمكية بهذه الطريقة فهو لايمثلنا بأي شكل من الأشكال”.

الصياد له حقوق ناقصة وعليه واجبات فوق استطاعته

الرايس أحمد الدرناوي صياد متقاعد، ولكنه إختار أن يشاطر رفقاء دربه همومهم ومشاكله، فتحذث بداية الأمر عن سن التقاعد عند الصياد، وقال ” إن هذا السن يبدأ  عند عجزه عن ركوب البحر، وعدم قدرته تحمل مشقة برد الشتاء و حر الصيف، وهذا نتيجة لتقدم في السن أو لقدر الله في إعاقة أو مرض، وبالتالي فإن حقوقه بعد هذه الرحلة الطويلة تكون غير موجودة”.

كما أضاف عن أسباب غلاء الأسعار “حاليا نعاني كثيرا من تلوث الشواطي، فمعظم المدن تكون مياه مجاريها ومخلفاتها ونفاياتها على البحر، وبالتالي تسبب في إختفاء ثراوتنا البحرية من شواطينا، فمثلا قبل حدوث هذا كنا نصطاد القرنيط بالفيسثا من مسافات قريب من الشاطئ، وكان سعره بدينارين، ولكن الان وصل سعر 25 دينار، والسبب إختفاءه، نتيجة الثلوت”.

وإختتم الحديث عن المطبخ الليبي “بالنسبة للمطبخ الليبي لازال يهمش في السمك في موائده واكلاته، ولازالت ثقافة البحر غائبة في غذاء المواطن الليبي، وفي أفضل الأحوال يتواجد في المائدة مرة واحدة في الأسبوع، وهذا أمر يجب الوقوف عنده كثيرا”.

مصطفى الزرملي كابتن أعالي البحار، قال ” الاستهلاك في ليبيا لا يصل الى 30% من ثروتنا البحرية، والباقي يذهب إلى السوق الخارجية، وأغلبها عن طريق قنوات غير شرعية، بسبب أن مياهنا الإقليمية مستباحة بالكامل، ويجب النظر في الإتفاقات والمعهدات المتعلقة بهذا الأمر، وإلا على ثروتنا البحرية السلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button