اراغون – الزا الحب الاستثنائي 2-2
محمد ابوالقاسم الككلي
في كتابه الذي يحمل عنوان (اراغون في مواجهة العصر ) يقول د فؤاد ابومنصور شكلت الزا الولادة الثانية لاراغون ‘انها الحدث الفريد الذي ينير الفعل والفكر والكلمة عند الشاعر، تعرف عليها في فترة القطيعة مع السورياليين، وخلال مرحلة اتسمت بالقلق والتمزق ،كادا يؤديان به إلى الانتحار مما دفع به إلى إحراق روايته الضخمة ( الدفاع عن اللانهاية ) في فندق بيورتادو سول في العاصمة الإسبانية، منذ هذا التاريخ وحتى وفاة الزا، بقى اراغون يعيش هاجس حضورها المكثف ويستلهم شعره وفلسفته من وجودها في حياته ‘ كانت الزا بطلة أجمل شعر اراغون في ( الزا ) 1959 و( الشعراء ) 1960 و ( مجنون الزا ) 1963 و ( لا أرى باريس من دون الزا ) 1964، كما أنها كانت حضور – غياب مأساوي في قصيدة ( الغرف ) 1969 وهي محور فترة( التجديد الروائي ) معها ضاقت المسافة بين السياسة والأدب، والحب والايديولوجيا، خصوصا وأنها عرفت كيف تعطي معنى لأروع التجارب الفكرية في أدب القرن العشرين، فالتزاوج بينها وبين اراغون هو بين قلبين وروحين وخيالين وثقافتين يتكاملان ويتنافسان في عملية إبداعية فريدة ومميزة ‘ اراغون في حواره مع فرانسيس كريميو على قناة ( الثقافة الفرنسية ) الذي بدأت بثه في شهر أكتوبر عام 1963 م كشف عن طبيعة علاقته مع الزا في هذا الحوار الطويل : ☆ مجنون الزا هو الكتاب المفضل لديك بين كل مؤلفاتك وفيه يصل الالتحام الروحي مع الزا إلى الصوفية الأكثر اشراقا ‘ اراغون : بالطبع السبب بسيط ان حياتي أخذت المنحى الذي وصل بي اليوم إلى هذا المطاف بسبب امرأة تدعى الزا، عشنا معا حتى ذلك الصباح الذي استفاقت معه ووضعت يدها على كتفي وقالت : انا راحلة، لقد انتهى كل شيء فصرخت بها وقلت : ماذا تصنعين ؟ واجابت : انا متأكدة بأن ساعتي قد دنت، استبقت ساعة موتها بعد نصف ساعة على هذا الكلام، انطافت كتلة الحب والعمل التى تسمى الزا ‘ ☆ في كتابك ( حكم بالإعدام ) نشيدا وجوديا يرفع الزا التي تسميها فوجير إلى مكانة الملهمة ؟ اراغون : الزا كانت أكثر من نصف حياتي، انها ثلاثة أرباع حياتي، وطفولتي قد هياتني بكل تعقيداتها وألوان عذابها إلى التعلق بالزا والهيام بها حتى الجنون، اليوم أتساءل لماذا اعيش بعدها انها وقاحة مني ‘ مع الزا تفجر الحب غامرا الناس والعالم فيه تساوي اللذة الخير، والإنسان والمستقبل، انها النقطة التي تكلم عنها بروتون حيث تتلاقى المتناقضات وتتصالح ‘ بين يدى الزا عرفت أنني كائن موجود، أصم حيال كل أنين لا ينبع من فمها، لم أفهم الألم إلا عندما توجعت، المها يختصر دور الصليب، اسمها يختزل العالم كله والعصور ونشيد الأناشيد ورؤى القديسين، جحيمي هو جحيمها، ،انها ظماي منها شربت كما يشرب الناس من عيون الماء، بعضهم لا يفهم هذه الحقيقة التي تضرب جذورها فى عمق وجودي وشرارة كل أفعال الكتابة عندي، الزا تجسيد لكل الأصوات والاصداء والازمنة والامكنة، بعدها انا خارج الزمان والمكان، فقدت توازني الروحي والعاطفي، كنت دائما افكر بأن حوادث حياتي المرهقة ستخطفني قبل الزا، إلا أنها رحلت قبلي وتركتني في قاعة الانتظار ‘