اتجاهات الرأي العام نحو الاستفتاء
استهلال
■ خليفة الرقيعي
الإلمام باتجاهات الرأي العام الليبي نحو مسألة الاستفتاء عمل ذو طبيعة علميه يستوجب بحوثاً ميدانية وشراكه المئات من المتخصصين لرسم الخريطة الاجتماعية والسياسية والنفسية للواقع الليبي المعاصر بكل همومه وتعقيداته وآماله المستقبلية ولعل المسح الاجتماعي هو الأسلوب الأنسب والأمثل في قياس هذه الاتجاهات شرط أن يتميز هذا المسح بالشمولية والموضوعية وبدرجة عاليه من الوعي والعقلانية مهما كان عمق وتعقيد هذا العمل حتى يكون مستواه جديراً بالاحتفاء في أمور عرضه ومراجعته ونقده .
ونستطيع من خلال هذا القياس الجزم في نسب المؤيدين لهذا الاستفتاء والمعارضين له أو نسبة من هم لا مؤيدين ولا معارضين والتعرف على درجات التأييد والمعارضة والشكل الذي يفضله مجتمعنا لهذا الاستفتاء .. لذا الإلمام باتجاهات الرأي العام الليبي يعتبر في حد ذاته أمراً مطلوباً وملح لرصد وتفسير التباين للاتجاهات الليبية وبالأخص السياسية والقانونية وصياغة عدد من الافتراضات التى يتقبلها العدد الأعظم من الليبيين .
نحن لا نريد التعرض لبنود الدستور المطلوب الاستفتاء عليه أو التعليق على بعضها حتى وإن كنا مقتضبين أشد الاقتضاب ولأن هذا المقام المتواضع لا يحتمل التفضيل . نحن متشوقون لكل ما يصلح حال هذا الوطن الأبي , فقد دب اليأس إلى قلوبنا وخفتت آمالنا ونمر بمرحلة انتكاس في مسيرتنا السياسية والاقتصادية والأخلاقية .
واقعنا الراهن يعكس اعتبارات تاريخية سلبية موروثة ونزاعات سياسية أنانية واحتكارات نفعية مقصورة على المستوى الفردي والقبلي , هذه الاحتكارات أجهضت على كل تصوراتنا الإستراتيجية وعلى ما تبقى من مضمون العمل الوحدوي الوطني والمد القومي والتآخي فيما بيننا , نحن نعيش واقع التجزئة القطرية المناقضة لكل منطق سياسي وحضاري ولا يتواءم هذا الواقع مع التيار التاريخي ولم يعد لنا شأن في مجابهة التحديات الخارجية والداخلية ناهيك عن التنمية والتحديث .
لذا من الطبيعي أن تجد فيما بيننا اختلافاً في كثير من التفاصيل حول الاستفتاء القادم ووسائل تحقيقه , فمنا من يؤمن بجدواه ومنا من لا يرى أي جدوى فيه ومناوىء له في السر والعلن , ومنا من يعارض توقيت هذا الاستفتاء ومراحل تطبيقاته , ومنا من يرى ضرورة البدء بتوحيد الوطن والقضاء على المليشيات المهيمنة على الواقع السياسي الليبي .
ومنا من يرى ضرورة البدء بالمصالحة ورجوع لكل الليبيين بالخارج إلى أرض الوطن دون قيد أو شرط لتكون هذه المصالحة هي الخطوة الرائدة للانطلاق نحو الوحدة والوئام الوطني الكامل واعتبار هذه المصالحة هي المطلب ليكون الاستفتاء استفتاء شعبياً يشارك فيه كل القطاعات بدرجة ملحوظة ومأمونة ولا يكون هذا الاستفتاء حكراً على نسب اجتماعية ضئيلة متمثلة في النخب المهيمنة الحالية من أفراد وقبائل لأن هذا الاستفتاء على الدستور الجديد يمثل الصياغة الجديدة لمصائر ليبيا وإلى وقت طويل في المستقبل .. فلا بد أن يكون هذا الاستفتاء نتاج شراكة ومراقبة وحماية الجماهير ليمثل الاتجاهات الحقيقية الجماهيرية .