الأضحية سُنَّة لاتتطلب الاذلال
الصغير أبوالقاسم
تبدأ دورة التكاليف وإرهاقها للمواطن من فصل الصيف ، حيث الأفراح التي تلزم رب الأسرة بتدبير مبالع مالية لشراء ملابس وهدايا للذهاب بها لأفراح الأقارب والأصدقاء والجيران وماأن تنتهي هذه المناسبات حتى تأتي الدراسة فلابد من توفير لوازمها والتي تبدأ من القرطاسية ولاتنتهي بالزي المدرسي ، ثم يأتي الشتاء ببرودته التي تطلب أدوات أدوات التدفئة والمعاطف وغير ذلك من الملابس والأحذية ويأخذ المواطن نفساً ليس عميقاً فيأتي شهر رمضان ولوازمه العديدة والمختلفة والمكلفة مرفقاً بالعيد وملابسه المقرونة بغلاء الأسعار نتيجة لجشع التُجّار وبعده بقليل يفتح المجال لأضحية العيد وتبدأ الدورة من جديد مرفقة بنقص السيولة وتأخر المرتبات إن لم نقل انعدامهما معاً .. ومالنا إلا الصبر والدعاء بأن تنفرج كل الأزمات وتزول كل الصعاب .
عيد الأضحى ، عيد التضحية والفداء والطاعة لله والوالدين حيث الشيخ المسن سيدنا إبراهيم عليه السلام أقدم على ذبح ابنه طاعة لله والابن الصغير أسلم رقبته للذبح طاعة لوالده فكانا أمام رب رحيم ، فلنكن من الطائعين لله والوالدين ونقوم بشراء الضحية إن استطعنا لأنها سُنَّة للقادر عليها وليست فرضاً يجب القيام به ولو بمطالبة ومساعدة لآخرين واذلال النفس والتغوث والاستجداء وإراقة ماء الوجه بشكل مؤسف .
الله رحيم بعباده بحيث فسح لهم مجالاً للاختيار فالذي لايقدر لاتثريب عليه فليس من الواجب والفرض ذبح كبش أملح أقرن بل كل شاه من الضأن وصلت السن المطلوبة أو شاة من الماعز فهي أقل سعرً أو الاشتراك في بدنة أي بقرة أو جمل وهي تُجزي عن سبعة أفراد من المسلمين سواء أكانوا إخوة أو أقرباء أو جيران أو غيرهم يشتركون في ثمنها ثم يُقسّم لحمها بينهم بالتساوي وهي تكون أرخص بكثير من شاة لكل فرد .
كل العبادات مقرونة بالاستطاعة كالحج فهو من استطاع إليه سبيلاً فلماذا رغم أنه فرض لا نطالب الآخرين بمساعدتنا على أداء مناسكه فكيف بالسُنَّة ؟
نتباكى ونتسول ونُذل أنفسنا في مطالبة الآخرين بالشفقة علينا ومساعداتنا في توفير الأضحية فهذا أمر مرفوض ومستهجن لأن فيه اذلالاً للمواطن ، فالمسلم يمتاز ويتصف بالعزة والاحترام والعفة والرقي الذي ينزهه عن الوقوف في هذا الموقف الذي لايُحسد عليه وأحياناً التحايل كما قال لي شخص أثق فيه : تم إحضار أضحية لشخص طلبها فوجد عنده خروفاً قد أغلق فمه بشريط لاصق حتى لايثغو أي يصدر صوتاً ونسي أن المسلم لايكذب !
إن النظر إلى الأضحية يجب ألا يكون اجتماعياً صرفاً بحيث يهمنا اقتناء الأضحية والتباهي بها أمام الجيران وادخال الفرحة على الأطفال وأكل اللحم والشواء والقديد والعصبان بل النظر إلى عيد الأضحى كمناسبة لأخذ العبر بطاعة الله والوالدين والتسامح والتزاور .
إن النصيحة التي أقدمها بهذه المناسبة هو التعود على حُسن التصرف وعدم التبذير والادخار والاقتصاد استعداداً للمناسبات القادمة حتى لا يضطر الواحد منا للاستلاف وطلب المساعدة من الآخرين ، (( فالدَّين همّ بالليل ومذلة بالنهار )) ، وهناك من لايعجبه هذا الرأي نظراً لضيق ذات اليد فلا يقدر على الاقتصاد وهو معذور في ذلك .. لكن من يستطيع فليحاول وليجرب والله يعينه وهو لي التوفيق وقادر عليه .