كتاب الرائ

البنك المركزي والصحة!

د.علي المبروك ابوقرين

إن السياسات النقدية وتحديد سعر الصرف وتوفير العملات الأجنبية ، وفتح الاعتمادات ، والرقابة على النقد من مهام البنك المركزي وفق صلاحياته بموجب القوانين والنظم الإدارية والمالية المعمول بها في البلاد ، وليبيا من الدول التي تعتمد 100% على الخارج في إستيراد جميع الاحتياجات من الأدوية والمستلزمات والمعدات الطبية واللقاحات والأمصال والمعقمات والمشغلات للمعامل ومراكز الكلى ومراكز الأشعة التشخيصية والعلاجية ، واحتياجاتها من قطع الغيار للأجهزة الطبية والكهروميكانيكية وكل ما يحتاجه القطاع الصحي بما فيه الملابس ومعدات الحماية للقوى العاملة الصحية ، وتعتمد على الخارج في إجراء بعض التحاليل في بعض المعامل المتخصصة خارج البلاد ، وعشرات الآلاف من المرضى الليبين يترددون على مستشفيات ومصحات ومراكز طبية متخصصة بدول الجوار وبعض الدول الأوروبية ، ومنهم بعض المئات من المرضى يعالجون على مدار الوقت في الخارج على نفقة الدولة ، وتستعين وزارة الصحة والهيئات والمؤسسات التابعة لها بالكثير من الكوادر الطبية والتمريضية والفنية الأجنبية للعمل بالمرافق الصحية بشكل دائم ، وببعض الزوار من دول عربية واجنبية في تخصصات مختلفة للعمل بالمستشفيات والمراكز الطبية الليبية لفترات قصيرة ومتتالية ويحتاجون لتغطية نفقاتهم بالعملات الاجنبية التي يغطيها البنك المركزي ، وكل ما يحدث من تغيرات في سعر الصرف أو تأخير في التحويلات المالية لتوفير الأدوية والمستلزمات وعلاج المرضى بالخارج والزوار للعمل بالداخل كلما تغرق الأسواق بالأدوية والمستلزمات الطبية المغشوشة والمزورة ، ويتعاظم الاتجار في صحة وحياة داخليًا وخارجيا مما ينعكس بشكلٍ مباشر على صحة وحياة الناس لهذا على جميع الجهات المسؤولة إيجاد الحلول الدائمة والمحصنة لتأمين احتياجات البلاد من الأدوية والمستلزمات والتجهيزات الطبية ، وتأمين الاحتياجات الصحية الضرورية في حالات الطوارئ والتهديدات الصحية وفي الازمات والكوارث الطبيعية ، وليبيا تتعرض كغيرها للتغييرات المناخية والبيئية واثارها ، وللتهديدات الصحية والأمراض المعدية التي تتزايد من فيروس الكورونا والمتحورات المتعددة التي لازالت مستمرة وقد تطول لسنوات قادمة ، وجدري القردة امبوكس الذي تفشى مؤخراً في بعض الدول الافريقية ، وعودة الحصبة وشلل الاطفال والكوليرا لبلدان عديدة ، واحتمالية انتشار اوبئة اخرى خطيرة ومنها تحول انفلونزا الطيور N5H1 للثديات ومنها الابقار والذي يشكل خطورة على الانسان ، ولهذا يتطلب ايجاد آليات واضحة ومحددة واستثنائية لتدبير حاجيات القطاع الصحي العام والخاص دون ان يتعرض لأي آثار سلبية من اي اضطرابات سياسية واقتصادية مهما كانت ، وضرورة تأمين سلاسل الإمداد المغلقة والمخزونات الاستراتيجية من الاحتياجات التامة للقطاع الصحي ، وتشجيع الاستثمارات في الصناعات الدوائية والمستلزمات والمعدات الطبية محليا حيث بالإمكان وفي وقت قصير تصنيع معظم الأدوية الجنيسة البسيطة ومعظم السوائل الوريدية ، والانابيب والموصلات البلاستيكية والسرنجات بكل احجامها والخيوط الجراحية ، ومعظم المستلزمات الطبية ، والمعقمات الطبية ، والملابس وأدوات الحماية الخاصة بالقوى العاملة الصحية بما في ذلك القفزات الجراحية وغيرها ، والمكملات الغذائية وأصناف عديدة من إحتياجات القطاع الصحي ، بالإمكان تصنيعها محليًا ، وبالتأكيد ستكون أجود من المستورد ، وخصوصًا ما يستورد في معظمه من دول لا باع لها ولا تاريخ طويل في هذه الصناعات ، وإمكانيات هذه الدول وقدراتها أقل بكثير من ما تملكه وتتمتع به ليبيا ، وهذه سلع إستراتيجية مهمة جدا للأمن الصحي .وأنشطة أقتصادية متميزة تحقق فرص العمل والاكتفاء الذاتي وتفتح أبواب الاستثمار لتوطين الصناعات الدوائية العالمية ، والمنافسة على الأسواق الإقليمية والدولية ، وهذا هو الاستثمار الصحي الإنتاجي المطلوب تشجيعه ..
وفي حاجة ملحة وسريعة لتفعيل القطاع الصحي والنهوض بالنظام الصحي لتوفير الخدمات الصحية بالمرافق الصحية الليبية ، والاهتمام بتطويرها وتحديثها وتجهيزها وتأهيلها للتوفير على الناس مشاق السفر للبحث عن علاجات أرهقت المرضى وذويهم وقضت على مدخراتهم ، واستنزفت مئات الملايين من العملات الأجنبية في الوقت الذي بالإمكان توفيرها بالبلاد بإمكانيات افضل دون هذا العناء ..
إن ألأمن الصحي ضرورة ملحة لحياة الناس وأمن البلاد ..
حفظ الله بلادنا وأمتنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى