تحقيقات ولقاءات

” التجارة شطارة ” لا تعني استغفال المواطن ؟!

محدودية الإمكانيات وكثرة الثغرات حوّلت التجارة إلى سنارة !!

” التجارة شطارة ” لا تعني استغفال المواطن ؟!
محدودية الإمكانيات وكثرة الثغرات حوّلت التجارة إلى سنارة !!

” التجارة شطارة “، مصطلح شائع يستخدمه التجار لتبرير سلوكياتهم عند البيع أو الشراء ، لكن عندما تتعلق التجارة بسلع رديئة أو مجهولة المكونات ، أو عدم الالتزام باشتراطات نقلها وتخزينها بقصد تقليل النفقات ومضاعفة الأرباح فتكون تجارة لا شطارة فيها إلا شطارة الشيطان ، وسنارة ليعلق فيها المواطن الغلبان .
ومن المؤسف أن نرى بعض المحال التجارية سواء تلك التي تبيع بالجملة أو التي تبيع بالقطاعي ، وكذلك الصيدليات وهي تتلاعب في الأسعار، بحجة ارتفاع سعر الدولار ، في حين تتجاهل عن عمد استحقاقات حفظ السلع والأدوية بالصورة التي لا تفقدها خصائصها .
وفي ذات الوقت الذي يشتري فيه المستهلك سلعة ما ببطاقة الصرف الإلكترونـي ، يجــــد زيــادة تزيـد عــن 25 % بمبررات واهية ، ولرفع الحرج عنهم عمد الكثير من التجار إلى تحميل هذه الزيادة على أسعار البيع النقدي لإيهام الزبون بأن البيع بالبطاقة كالبيع (بالكاش) ، لا زيادة فيه !!


يحدث كل هذا في ظل غياب الجهات المعنية بحماية المستهلك ، سواء وزارة الاقتصاد أو غرف التجارة والصناعة أو منظمات حماية المستهلك .
الغش والتلاعب بالأسعار على حساب الجودة واشتراطات تداول السلع من مناولة ونقل وتخزين ،لاشك أنه من أبواب الفساد التي ستفتح أبوابًا أخرى للفساد من رشا وتدليس للبيانات والصلاحية ، لذا فإن الرقابة على الأسعار والجودة والمخازن ووسائط النقل واشتراطاتها ، والتصدي للمتلاعبين والغشاشين هي مسؤولية كل فرد حسب موقعه ومسؤولياته.
ومن خلال تتبعنا للحملة التي نفذها جهاز الحرس البلدي ومركز الرقابة على الأغذية والأدوية خلال المدة الماضية بشارع السامبا بمنطقة الكريمية ، تبين مدى استهتار من يصنفون أنفسهم تجارا بصحة المواطن ، رصدت صحيفة ليبيا الإخبارية آراء وملاحظات عدد من المواطنين جاءت كالتالي : –
سوء التخزين سبب رئيس لتفشي الأمراض


عز الدين صالح – موظف .. يقول ” هذه الحملة رغم زخمها والنتائج الكبيرة التي حققتها ، جاءت متأخرة كثيرا ، بعد أن وقع الفأس في رأس المواطن الذي كان ضحية ل ” خوذ وإلا خلي ” في غياب الأجهزة الرقابية طيلة عدة سنوات .
ففي هذه السنوات تلاعب كثير من الداخلين على التجارة بالعرض بصحة المواطن وبماله دون أدنى تقدير أو رحمة ، حيث كان كل همهم تحصيل أكبر قدر ممكن من المكاسب المادية .
فإلى جانب رداءة السلع التي يستوردونها ، لم يهتموا بشروط التخزين والحفظ الملائمين ، وكانت النتائج سلع عرضة للحشرات ، والقوارض، والرطوبة ، وأجبان وألبان تالفة نتيجة تعرضها للحرارة في فصل الصيف داخل (هناقر) عديمة التهوية . وما خفي عن المواطن طيلة تلك السنين كشفت الحملة جزءاً يسيراً منه فقط .
توعية المواطن وتنبيهه أمر ملح :
بدر عبد الرحمن – موظف .. يرى أن حملة الحرس البلدي وجهاز الرقابة على الأغذية والأدوية ، لا ينبغي أن تتوقف على مدار العام ، حتى لا تتاح للتجار الانتهازيين الفرصة مرة أخرى لاستغلال المواطن واستغفاله .
ويضيف بدر .. سلع كثيرة تم الضحك علينا بها ، فقد تم تسويق صنف من الأرز على أنه علامة تجارية معروفة كانت مجربة ومطلوبة ، وتبين أنها مقلدة جرى تعبئتها بالمخالفة وبصورة بدائية وبأرز رديء ، هذا من غير التزوير الذي طال بعض المنظفات والبن .
ولا يخفى على أحد الإسهال الحاصل في استيراد الزيوت الصناعية الخاصة بالسيارات والآلات ، التي تملأ الأسواق آتية من كل بقاع الدنيا ، وهي في الغالب زيوت رديئة معاد تكريرها من زيوت مستعملة سابقا ، الأمر الذي أعطب سيارات كثيرة وتسبب في خسائر كبيرة للمواطن وللدولة .
ولكي تحقق الحملة الغرض الذي انطلقت من أجله يلزم تكثيف حملات التوعية عبر الإعلانات الإرشادية التي تتخلل ساعات البث المرئي والمسموع ، وإقامة الندوات ونقلها على الهواء ، و نشر أشرطة مرئية توثق المخالفات والتلاعب في الأسعار ، وتكوين فكرة عامة عنهاليطلع الناس على خفايا الأمور ، وتزداد معرفتهم باشتراطات حفظ السلع وبيعها .
الدور الرقابي مازال ينقصه الكثير
عامر فرج .. طالب جامعي .. يعتقد أن الدور الرقابي لا زال ناقصا ، فهناك هفوات كثيرة تضع صحة المواطن وسلامته على المحك .. قائلا ” أن هناك سلعا غذائية تسوق بالمحال التجارية وهي تحمل ألوانا محظورة ، سبق وأن نبه عنها مركز الرقابة على الأغذية والأدوية . والسؤال الذي يفرض نفسه .. كيف دخلت هذه السلع إلى السوق ، ومن أفرج عنها ؟ ، وإن كان دخولها للبلاد غير قانوني ، يفترض أن تشكل لجاناً رقابية مصغرة تراقب نوعية السلع المتداولة بالسوق ، ومعرفة أماكن دخولها للبلاد .
الحاجة إلى عقوبات رادعة وإنفاذ القانون
إمحمد إبراهيم .. سائق شاحنة .. قال ” أنا صاحب سيارة نقل صغيرة ، وأقوم بنقل السلع من محال الجملة بشارع ” السامبا ” إلى المحال التجارية الصغيرة داخل المدينة ” الدكاكين ” ومن خلال عملي هذا لاحظت أن بعض التجار تهمهم سمعتهم فيهتمون بالنظافة وتوفير الأمكنة الملائمة للتخزين ، والبيع بأسعار معقولة ، وهناك من هم استغلاليون سرعان ما يرفعون السعر إذا ما أحسوا بنقص سلعة معينة ، ولا يراقبون مخازنهم تاركين أمرها للعمالة الوافدة التي لا تهتم بمعايير تجارة شريفة نظيفة .
ومن المفروض ألا تمنح تراخيص مزاولة الأنشطة التجارية ، خاصة المتعلقة بالغذاء ، إلا وفق اشتراطات ، كالمخازن المناسبة جيدة التهوية ، ووسائط النقل الخاصة بالسلع المبردة كالألبان والأجبان وغيرها .
ويضيف إمحمد ” برأيي يفترض المجاهرة بالعقوبات وإنفاذ القانون على كل من يضبط في حالة غش أو مضاربة في الأسعار بإلغاء تراخيص المزاولة ، والحرمان من العمل التجاري لعدة سنوات ، وإنزال الغرامات المالية الكبيرة ، وفي ذات الوقت الذي تتم فيه محاسبة التجار الذين مارسوا هذا الغش الاستغلال ينبغي أن تمنح شهائد نزاهة والتزام مهني وحسن إدارة للتجار الصادقين، فهناك من التجار ممن التزم الصدق مع الله أولاً ثم مع الناس .
لا بد من إيجاد تمركزات ضبطية مشتركة
أبوالقاسم الزايدي .. موظف .. علق على ماسمعه من حوار بيني وبين السيد إمحمد ، فقال ” أنا من سكان منطقة الكريمية ، وألاحظ كل يوم سيارات النقل الصغير ” البورتر ” وهي تنقل سلعا مكشوفة ومعرضة لأشعة الشمس ، من عصائر وحليب وزبادي ومياه شرب ، وهذه السلع بعضها يجب نقله في مبردات وبعضها لا يجب تعريضها لأشعة الشمس المباشرة كمياه الشرب المعلبة . كما يلجأ أغلب أصحاب المحال التجارية إلى عرض العصائر ومياه الشرب على الأرصفة خارج محالهم .
وبرأيي يجب أن تقام لجان ضبط قضائي في تقاطعات الطرق الرئيسة ، وفي السريع ، لضبط ومخالفة ومصادرة السلع التي يتم نقلها في وسائط نقل غير ملائمة كمياه الشرب والدقيق والمكرونة وغيرها . وكذلك منع اصحاب الدكاكين من عرض هذه السلع خارج المحال .
الرقابة على الدواجن والمنتجات الزراعية واجبة
أحمد عاشور .. اخصائي تحاليل طبية .. ينبه إلى أن الرقابة على المنتجات المحلية ، خاصة الزراعية منها . قائلا ” جهود الحرس البلدي ومركز الرقابة على الأغذية تذكر وتشكر ، لكن مازال الكثير أمامها ليكتمل جهدها ، نلاحظ أن الحملات تركزت على المحال التجارية والمطاعم والمقاهي ، لكننا لم نسمع شيئا عن متابعة حظائر تربية الدواجن والزراعات الموسمية كالنباتات الخضراء بأنواعها والدرنية مثل البطاطس والجزر واللفت وغيرها ، فهذه المزروعات يتم مكافحة الآفات الزراعية فيها بالمبيدات ، ولكن في الغالب تتم بصورة عشوائية ،وهو مايسبب في تراكم السموم بالجسم مع مرور الوقت ، كذلك الأعلاف التي تعطى للدواجن تتم بلا انضباط بغرض الإسراع في التسمين والبيع ، وهو ما يسبب في اختلالات هرمونية فيها خطورة كبيرة على صحة المستهلك .
ومن هنا وجب الانتباه لهذه الأمور وتوفير استحقاقات مراقبتها . فالإحصائيات التي تشير إلى تفشي أمراض السرطان بغض النظر عن صحتها ، تظل مؤشرا حقيقيا لوجود خلل ما في غذاء المواطن .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى