التفتليك فى سرقة رزق البيليك ..!!
التفتليك فى سرقة رزق البيليك ..!!
كانت ولازالت جرائم الاعتداء على المال العام وسرقته ، من الجرائم المسكوت عنها عند الشعوب والدول النامية ، ومنها ليبيا التى ورث أهلها وللاسف عقلية بالية ، تنظر لمال الدولة والملك العام ، من خلال نظرة ( عصمالية ) تعود للحقبة الاستعمارية التركية فى عهد إنحلالها وضعفها . تلك الفترة التى كان يسمى فيها كل مايهم الدولة ومالها وممتلكاتها برزق ( البيليك ) أى الحاكم او الدولة ، والتى وصل فيها الاحساس بالصالح العام أدنى درجاته ، على المستوى الذى وصلنا إليه الان ..!! رزق البيليك فى الدولة الليبية الذى جعلناه مال عام يصرف سبهللا ، ويسرق جهارا نهارا ، وصفقات بزنس صفيقة ، وحاويات عار أثيمة ، ومستخلصات مشاريع وهمية ،وماء ضنين يسكب هدرا فى محال غسيل السيارات ومزارع النزهات الغير منتجة حتى لربطة معدنوس ، وتيار كهربائى يهدر مجانا فى أشنأ وأكبر جريمة إقتصادية ، فى دولة لايعرف فيها معظم سكانها أين ولا طريق شبابيك جباية الكهرباء ، مادام ( اليتريك ) على حساب البيليك ..!! ومرتبات تصرف لاناس مثنى وثلاث ورباع ، دون أن يعرف أصحابها أين تقع مقار أعمالهم المنسبين لها ..!! وغير ذلك من أوجه التسيب والتحلل من اى إنتماء لوطن يعانى من سلبية مواطنيه ، وجرأتهم الخيالية فى إنتهاك القوانين والاعراف التى تنظم العلاقة بين المواطن وممتلكات وأموال الدولة التى هى بطبيعتها ممتلكاته . ولكن وفى غياب الاحساس بالمواطنة والصالح العام من الجميع مواطنين ومسئولين يحدث هذا وأكثر من إهمال وتسيب وتبذير وسرقة .. السرقة ذلك الفعل الذميم ،التى تعنى لغة الفعل الذي يفعل سراً والسارق هو من جاء مستتراً إلى حرز فأخذ مالا لغيره ، وسرق الشئ: خفيى . ومنه الاستراق وهو الختل سراً كالذي يستمع ، فنقول : استرق السمع .. والسرقة أنواع وأشكال فهناك من يسرق ( دحية) ،وهنالك من يسرق دولة، وهناك من يسترق النظر ومن يسترق السمع .. والسرقة فعل إذا تأصل فى الانسان ، فإنه من الصعب أن يتركه ، ولذلك نسمع في أقوالنا الشعبية مثلاً يقول : ( الماء ما يروب .. والخانب ما يتوب ) .. !! و( الخانب ) هنا هو السارق ، وهي كلمة تعود لأصل عربي فصيح من ( خنب) وهي تعنى (الخنابة ) وهي الأثر القبيح ، وتعني أيضا الشر. كما يقال فلان ذو خنبات ، أي ذو غدر وكذب ، والخنبة في المطلق تعنى الفساد وأى فساد أعظم من السرقة ، وأى قبح كقبح من أتصف بالغدر والسرقة والخيانة ؟ التى لا توجد إلا في من فقد الشرف وباع الأمانة ، وصار سارقاً أولصاً فكلاهما معنى واحد ، لمن أختلس حقوق الناس ، سواء كانت كبيرة أو صغيرة انطلاقا من أن الذي يسرق بيضة يسرق بقرة ، ويسرق دولة وشعبا بأكمله ! فالاثنان في كل الأحوال واحد وأن تعددت الأحوال .. فقد مر (عمر بن عبيد) بجماعة وقوف ، فقال : ما هذا ؟!..قال السلطان يقطع يد سارق فقال : لا إله إلا الله ، سارق العلانية يقطع سارق السر.. !! ولكن جزاء السارق دوما هو العقاب . فقد أمر الإسكندر بصلب سارق ، فقال : أيها الملك إنى فعلت ما فعلت وأنا كاره .. فقال الإسكندر : وتصلب أيضا وأنت كاره ..!! ولهذا وغيره كان حد السرقة فى الإسلام حتى تتطهر الحياة من هؤلاء السراق الجبناء .. وقد عمل الخلفاء المسلمون على العناية بالأمن وحفظ أموال الناس وأملاكهم بالتشديد على اللصوص والإقتصاص منهم ، ومن عجيب ما يحكى في الغرض أن الخليفة العباسى اجتاز ببلاد فارس،فتعرض الغلمان للبطيخ الذي كان في تلك الأرض ، فقال ابن حمدون للخليفة : لماذا أمرت بضربهم وحبسهم ، ثم أمرت بصلبهم ، وكان ذنبهم لا يجوز عليه الصلب .. ؟! فقال الخليفة : أو تحسب أن المُصلّبين كانوا أولئك الغلمان ؟ وبأي وجه ألقى الله تعالى يوم القيامة لوصلبتهم لأجل البطيخ ، وإنما أمرت بإخراج قطاع الطريق كان وجب عليهم القتل ، وأمرت أن يلبسوا أقبية الغلمان وملابسهم إقامة للهيبة فى قلوب العسكر ، ليقولوا إذا صلب أخص غلمانه على غصب البطيخ ، فكيف يكون على غيره ، وكنت أمرت بتلثيمهم ليستتر أمرهم على الناس ..!
ولعله ومن عجيب الامور أن تسود بيننا ثقافة تساند هولاء السراق المخانب المفسدين واللصوص والحرامية المحترفين . أرتقت إلى مستوى وصف هؤلاء الأفراد بالذكاء وتشغيل الدماغ ووصف الآخرين غيرهم بالطيبة والسذاجة ، حتى صارت هذه الأخيرة سُبة في عرف الكثير من الناس ، دون إدراكهم أن هذا المال هم شركاء فيه ..!! ولكن ياخيبة المسعى إذا كان ماتقدم صار دستورا حياتيا فى الحياة العامة ، رغم أن كل القوانين تجرمه ، ومنها القانون الليبى الذى وبالله عليكم اتمنى ، ان تقفوا على بعض مواده فى هذا الشأن ، حتى تدركوا أن المفسدين واللصوص منذ عقود وسنين ، ليسوا عن القانون بغافلين ، وحتى وإن صح ذلك فالقانون بصحيح النص لايحمى المغفلين . ولكن هؤلاء وللاسف ليسوا بمغفلين ،بل مصرين على فعل السرقة والتحايل رغم مافى ليبيا من قوانين ، ولكن في كل الأحوال تبقى هذه القوانين فى إطارها النظرى ، لان تنفيذ القانون وتفعيل نصوصه هو المقياس الحقيقى للإلتزام به .. وإلى أن ينفذ القانون تبقى جرائم السرقة والاعتداء على المال العام فى بلادنا ، حكايات ذات شجون وفنون ..!!!