التقويم الفلاحي الليبي بين خرافات الأجداد وتطور الأرصاد
التقويم الفلاحي الليبي بين خرافات الأجداد وتطور الأرصاد
الرعاة والمزارعون كانوا اقدم خبراء الطقس على وجه الأرض ، حيث من المتعارف علية حتى الآن عند الرعاة ومند أقدم الأزمنة أن احمرار السماء عند المساء ينبئ عن طقس جميل في يوم الغد ، والتفسير العلمي لذلك هو أن احمرار السماء في المساء يعود إلى الغبار الموجود في الجو والذي يشتت الضوء ، وهو من علامات الطقس الهادئ والمستقر ، كما انهم عرفوا أن احمرار السماء عند الفجر ينبئ بطقس رديء قبل حلول الليل والتفسير العلمي هو أن الاحمرار ينتج عن تشتت الضوء بفعل قطرات الماء العالقة في طبقة الهواء السفلى ( رطوبة ) والتي تساعد على تكون الانخفاض .
نظرة إلى صور أنواع السحب نشاهد سحاب يسمى السحاب السمحاقي ركامي وعندما نرى هذا النوع في السمت أعلى الرأس فما علينا إلا أن نتفقد الأفق ونعاين إن كان هناك سحاب ركامي ذو القباب فعندئذ نتأكد أن الأمطار سوف تهطل في المكان الوقفين فيه في أقل من 24 ساعة من ذلك التوقيت .
(السماء الحمراء في الصباح هي تحذير للراعي ، وبهجة له إذا احمرت في المساء )
ويستند هذا القول على انخفاض في سلسلة الغيوم، وهكذا تتكون السماء الحمراء في الصباح نتيجة الاشعة الحمراء للشمس المشرقة على السحب في السماء الغربية وغالبا ما تكون طخروفية أو طخروبية وهي بمثابة مؤشر للإمطار المقبلة من الغرب أما السماء الحمراء في المساء فتدل على صفاء السماء الغربية وبأن سحب الطقس الردئ قد اخذت بالرحيل متجهة على المشرق .
الشتاء بداية الخير
يعتبر يوم 14 فبراير موعد دخول فترة قرة العنز ، التي تمتد ستة أيام حتى 19 فبراير ، وفي روايات أخرى نجد أنها تبدأ يوم 31 يناير بالتقويم الفلاحي ، الذي يقابل يوم 12 فبراير بالتقويم الميلادي ، وتنتهي يوم 14 فبراير ، وفي روايات أخرى نجد أن القرة تحدث في شهر فبراير من غير تحديد موعد ، وهو الرأي الأصح ، حيث نلاحظ في بعض السنوات أن قرة العنز قد تحدث في بداية أو منتصف أو نهاية شهر فبراير.
أربعينية الشتاء أشد أيام الشتاء برودة، ومن اسمها فأن مدتها 40 يوماً وقسمها أجدادنا قديماً إلى مسميات مختلفة .
- تبدأ يوم 25 ديسمبر من كل عام وتنتهي في اليوم الثاني من شهر فبراير وتتميز هذه الليالي ببرودتها الشديدة نهاراً ومساءً، واستمرار هطول أمطارها إن أمطرت، وتشكل الندى فجراً، وخروج البخار من الفم، وسقوط أوراق الشجر وتنقسم على النحو الآتي :
1 – الليالي البيض مدتها 20 يوماً يشتد فيها البرد وتكثر فيها العواصف وتحس فيها بدخول فصل الشتاء الذي يباغتك برده في العظام وتنقسم هذه الليالي إلى :
-الكوالح مدتها 10 ايام وتبدأ يوم 25 ديسمبر ( 12 ) وتنتهي يوم 3 يناير ( 1 )
-الطوالح مدتها 10 ايام وتبدأ يوم 4 يناير ( 1 ) وتنتهي يوم 13 يناير ( 1 )
2 – الليالي السود سميت بهذا الاسم نظراً لأنها عادة ما تكون ليالي جامدة شديدة البرودة يقترب فيها الناس من مواقد النار وأجهزة التدفئة، وبالرغم من قوة الاسم إلا أن الناس تفاءلوا بها خيراً ويردد كبار السن مطلع هذه الليالي «الليالي السود ايفتح فيها كل عود»، حيث تأخذ كل المزروعات أشكالها وتبرز زهورها خلال هذه الفترة لكي تواصل نموها بقية فصل الشتاء وتنقسم إلى :
– الموالح ومدتها 10 ايام وتبدأ يوم 14 يناير ( 1 ) وتنتهي يوم 23 يناير ( 1 )
– الصوالح ومدتها 10 ايام وتبدأ يوم 24 يناير ( 1 ) وتنتهي مساء يوم 2 فبراير ( 2 )
وبذلك يكون مجموع ليالي الشتاء الباردة 40 ليلة، تليها عشر ليال يتقلب فيها الطقس فعادة تكون دافئة وعادة تكون باردة وتعرف هذه الليالي باسم” العزازة “، ثم تتبعها ثلاث ليال شديدة البرودة تبدأ يوم 12 فبراير ( 2 ) وتنتهي يوم 14 فبراير ( 2 ) وهي كما أسلفنا التي تسمى قرة العنز .
فال خير للفلاحين
وتتميز ليالي العزارة التي تأتي عقب الليالي السود التي”يخضر فيها كل عود” بالبرد الشديد، وأحياناً تشهد تحسناً في أحوال الجو معلنة عن بداية إخضرار الأشجار وخروج أوراقها، وفق الموروثات الشعبية والمصطلحات التي يستخدمها الفلاحون الذين استنبطوها من خلال ممارستهم الطويلة وتجاربهم المتوارثة الضاربة في القدم .
وكان الفلاحون يستبشرون بتلك الأيام والليالي، ويتحلقون في دوائر يتدفأون بنيران الحطب والفحم على “الكانون” في جلسات سمر يلفها الدفء العائلي والأنس، وسط تبادل الأحاديث أو الانصات إلى حكايات الجدة، وهي تهمس بخرافات الغول والجازية الهلالية وغيرها من القصص التي تشد مسامع الكبار قبل الصغار، مستبشرين بقدوم فصل الربيع بأجوائه الدافئة .
رصد السنة القادمة
لكبار السن طريقة في التنبؤ بالسنة التي تبدأ من الصيف حتى الصيف القادم، وأحوالها الجوية وخصوصا كمية هطول الأمطار من عدمها، حيث يتم وضع صرة من قماش الكتان فوق سقف البيت ليلة 57 من الصيف، وصرة أخرى مماثلة في ليلة 58، وأخرى ليلة 59 وهذه الأيام بالتاريخ الشمسي هي 25،26،27، من شهر يوليو .
تم تقاس درجة الرطوبة الممتصة من الملح والقماش المصررة وذلك قبل شروق الشمس، فتكون النتائج وفق درجة الرطوبة، التي تحويها تلك الصرر في الليالي الثلاثة .
الليلة الاولى وتدل على فصل الخريف، فإن كانت الرطوبة كبيرة فإن الأمطار ستكون غزيرة، وإن كانت الرطوبة قليلة فإن الموسم القادم سيكون شحيح الأمطار وهكذا .
أما الليلة الثانية فهي مؤشر على فصل الشتاء، وتقاس بنفس طريقة الليلة الأولى، أما الليلة الثالثة، تدل على فصل الربيع، وتقاس أيضا بمثل سابقتها .
كما تقاس القصول القادمة في هذه الليالي الثلاث بواسطة معرفة تحريك السحب والرياح، ففي اليوم الأول إن كانت فيه (ندوة) ورياح غربية أو شمالية فإن الفصل ممطر ويبشر بالخير، وإن كانت الرياح شرقية أو جنوبية، فإن الفصل غير ممطر .
جدول السنة الفلاحية
– (العزارة) هي فترة تبدأ يوم 3 فبراير وتنتهي يوم 13 من نفس الشهر، يكون فيها الطّقس تارة جميلا وتارة باردا وممطرا..
– نزول جمرة الهواء هي فترة تبدأ يوم 20 فبراير وتنتهي يوم 26 من نفس الشهر، يصبح فيها الهواء دافئا تدريجيّا.
– نزول جمرة الماء يوم 27 فبراير من كل سنة، تزول فيه البرودة من المياه وتصبح دافئة.
– نزول جمرة التراب هي فترة تبدأ يوم 06 مارس وتدوم أربعة أيّام، تأتي بعد دخول فصل الربيع، وتبدأ فيها الأرض بالدّفئ تدريجيّا.
– الحسوم هي فترة تبدأ يوم 10 مارس و تنتهي يوم 17 من نفس الشهر، هي فترة تلاقح النباتات، وتتميّز بكثرة هبوب الرّيح.
– أوسو هي فترة صيفيّة تمتدّ حوالي خمسة عشر يوما، تبدأ يوم 25 يوليو ويكون فيها الطقس شديد الحرارة.