الجنوب.. بين الإظلام التام وشلل الخدمات العام !

استطلاع/ منى الشريدي

الجنوب.. بين الإظلام التام وشلل الخدمات العام !

استطلاع/ منى الشريدي

لا حياة دون كهرباء، هذا لسان حال المواطن في الجنوب الذي يشهد حالات متكررة من الإظلام التام يرافقها شلل عام في كافة الخدمات  العامة، وإن نظرة في أفق جنوبنا الطيب ترشدنا باكرا إلى حال المواطن الذي يقف تائها وهو يبحث عن سبيل للخروج من النفق المظلم الذي ما يلبث يقترب من الخروج منه حتى يجد أمامه نفق آخر ينتظره، ويتساءل المواطن: هل أصبحت مشهدية الإظلام المتكررة عادة ومتى ستنتهي هذه الأزمة، وهل الأسباب في انهيار الشبكة العامة للكهرباء بشكل متكرر أمنية أم فنية، وما موقف المواطن من ضريبة الاستهلاك المقرر فرضها مقابل مده بالطاقة الكهربائية يا ترى.هذه الأسئلة وغيرها توجهنا بها إلى ثلة من المواطنين في مختلف مناطق الجنوب فكان التالي:

وقفتنا الأولى كانت على هامش الجلسة الحوارية المنعقدة في بيت الثقافة/سبها حول (أزمة الكهرباء في الجنوب..المعوقات والحلول)، والذي نظمها فريق منظمة شغف للحوار والعمل الإنساني بالتعاون مع عدد من المهندسين المختصين والخبراء خلال الأيام القليلة الماضية، حيث التقينا رئيس المنظمة المهندس عبدالرحيم عبدالعزيز وأوضح في مستهل حديثه:”

محطة أوباري الغازية

“خرجنا من هذه الندوة بمجموعة توصيات دعينا من خلالها الجهات المعنية والمواطنين على حد سواء لضرورة تحمل المسؤولية المشتركة بين الشركة العامة للكهرباء والمواطن، كما شدد الحضور على ضرورة العمل على تنظيم وتقنين عملية توزيع الأحمال الزراعية والتي تشكل نسبة 75% من مجموع الأحمال في عموم المنطقة الجنوبية، فضلا عن الحث على ضرورة تفعيل محطة أوباري الغازية وربطها مع الشبكة العامة والسعي لحلحلة كافة المعوقات الفنية التي تحول دون تشغيلها”.

رسوم الاستهلاك

وأضاف عبدالعزيز:” بحثنا مع المسؤولين أسباب تكرار حالات الإظلام التام الفنية والأمنية كنا ناقشنا العتبات التي تترتب عليها، علاوة عن ترشيد المواطنين لاستهلاك الطاقة الكهربائية وتوعيتهم بحماية معدات الشركة العامة للكهرباء والحفاظ عليها كما تم إخطار الجميع بوجوب دفع رسوم الاستهلاك الشهري للكهرباء من قبل المواطن، والحمد لله كانت الاسنجابة جيدة نوعا غير أن النتائج المرجوة لم يحدث منها أي شيء بعد”.

أزمات خانقة

كما التقينا محمد النور الحسناوي وهو أحد المواطنين بسبها:” يعاني الجنوب من أزمات خانقة تتمثل في السيولة والوقود وغيرها غير أن أزمة الكهرباء ومايعانيه  المواطن من تدهور  في أحوالهم جراء  هذه الأزمة أمر لا يطاق

إذ أن انقطاع الكهرباء يستمر لأكثر من 12 ساعة في اليوم، ناهيك عن حالات الإظلام التام المتكررة وما تعانيه الشبكة من تذبذب كبير وعدم استقرار مما تسبب في إلحاق أضرار مادية حيث تكبد أغلب المواطنين خسائر في الأجهزة الكهربائية المهمة نتيجة”.

تبعات الأزمة لا تقف

وأضاف الحسناوي:” تبعات هذه الأزمة لا تقف عند هذا الحد فحسب بل نتج عنها أيضا انقطاع المياه عن المنازل وتوقف المخابز وأغلب المصالح الحكومية إضافة إلى مشاكل الصرف الصحي وغيرها من المشاكل المتعلقة بهذه الأزمة مما أثقل ذلك من گاهل المواطينين، وبأمانة خلال اليومين الماضييين عادت الكهرباء ولاحظنا تقليل في عدد ساعات طرح الأحمال واستقرار نسبي في وضع الشبكة

أملين ان تتحسن الأوضاع أفضل من ذلك”.

هاجس وليس أزمة !

فيما قال الناشط المدني عثمان القدم من سبها:” اولا الحمد لله الذي أدام علينا نعمه، بداية أزمة الكهرباء أصبحت هاجسا وليس أزمة فهي نتاج غيض من فيض أزمات سببها الفساد، نعم نعاني من مخلفات أزمة انقطاع الكهرباء والمعاناة الأمر نجدها عند كبار السن لاسيما من يعانون من أمراض مزمنة ويزداد الأمر سوءا مع ارتفاع درجات الحرارة”. وأردف القدم قائلا:” أما من ناحية الوضع المادي فلا يكاد يخلو منزل في الجنوب من مواد كهربائية تالفة جراء تذبذب الكهرباء السيء وانقطاعه لفترات متفاوتة وعودته بشكل مفاجئ، إضافة إلى معاناتنا من فساد المواد الغدائية واللحوم والتي تحتاج للتخزين والحفظ في درجات حرارة معلومة، والآن ونحن نقترب من عيد الأضحى المبارك لا نملك إلا أن نضيف ثقلا آخر للالتزامات الملقاة على عاتق أرباب الأسر حيث أن الحل هو تشغيل المولدات الكهربائية والتي تحتاج للمحروقات في ظل ارتفاع أسعارها ناهيك عن التلوث البيئي التي تسببه نتيجة لانبعاث الأدخنة والروائح الكريهة وتستمر المعاناة”. توقف حياة وها هي سهير أحمد، مواطنة من وادي الشاطئ تدلوا بدلوها حول هذه الأزمة وعنها قالت:” نظام 5 ساعات طبق علينا بعد عودة التيار الكهربائي وانتهاء فترة الإظلام التام التي مررنا بها قبل أيام قليلة، ولا أخفيكم أن الحياة تقف بمجرد انقطاع الكهرباء وبعودتها ترى الناس في ركض متدافع وكأنها في يوم عيد لكن هذه الساعات القليلة جدا التي يعاد فيها التيار الكهربائي لا تكفي للقيام بالأعمال التي تتطلب كهرباء كتعبئة خزانات المياه وغسيل الملابس وغيرها ناهيك عن توقف المصالح العامة”. جباية عشوائية وأعربت عن استيائها من الممارسات التي يرتكبها بعض المواطنين فيما يتعلق بفواتير عداد الكهرباء قائلة:” تنفيذ الجباية على المواطنين بطريقة عشوائية لا يمكن أن تحل المشكلة بل من الممكن أن تؤدي إلى تفاقم الأزمة، لأن بعض المسؤولين عن الجباية سجلت ضدهم الكثير من السلوكيات الخاطئة من حيث زيادة القيمة واستغلال المواطن البسيط الأمر الذي أفقد المواطن ثقته في المسؤول وهكذا دواليك”.

تدمير ممنهج

أما المواطن محمد النظيف من وادي عتبة فكان له رأي واضح ومختصر وفيه أكد:” الكهرباء عصب الحياة، وهي تمثل أحد أكبر الإنجازات التي حققتها البشرية على الكرة الارضية، ومايحدث في بلادنا نوع من التدمير الممنهج لحياة الناس وإيقاف أي محاولة للتنمية والتطور وبالتالي نحن نرى أنه بتوقف الكهرباء يتوقف كل شيء ولا معنى للحياة”.

لا كهرباء..لا ماء

فيما استنكر الناشط المدني حامد سويسي من وادي الشاطئ حالة الإظلام المتكرر التي أدت إلى سوء معاناة أهل الجنوب عامة قائلا:” نحن نستنكر ما يتعرض له الجنوب وأهله من أزمات وطبعا معاناة الجنوبيين كبيرة من التيار الكهربائي المتذبذب والضعيف إضافة إلى أن الناس غير قادرين على تحمل أعباء شراء المحروقات لتغذية المولدات الكهربائية والحصول على الكهرباء التي لا نحتاجها فقط للإنارة أو التبريد فقد استعاض الناس بمصابيح الشحن وخلافها لهذا الغرض فنحن بانقطاع الكهرباء حرمنا من الكهرباء والماء، وكما هو معروف أن آبار المياه تحتاج لطاقة كهربائية لنتمكن من تعبئتها ومن ثم ضخها لمنازلنا”.

ضريبة إجبارية

وأضاف سويسي:” لن يسمح المواطن بتطبيق نظام دفع فواتير الاستهلاك في ظل هذا التذبذب إلا إذا تم تنفيذ الجباية بشكل إجباري كضريبة تخصم من الراتب الشهري للمواطن، وأعتقد صراحة أن الشركة العامة للكهرباء نفسها بحاجة لتغيير في إدارتها”.

حرمنا الماء البارد

فيما أعرب عبدالقادر أبوغرارة وهو أحد المواطنين بوادي الحياة عن استيائه من الوضع ملخصا حال الناس في الجنوب حيث أوضح:” تعددت الصعوبات والمشاكل التي تعيق حياة المواطن وزاد تعقيدها، ولعل مشكلة الكهرباء واحدة من أهم تلك العقبات والصعوبات، فلم تقتصر مشكلته على انقطاعه لساعات طويلة في اليوم، بل ما زاد اﻷمر سوءا هو التذبذب في قوته وضعفه العام مما انعكس سلبا على حياتنا اليومية، فلقد تعطلت اثنتان من مبردات المنزل وتوقفت محركاتها عن العمل مما حرمنا من شرب الماء البارد في مثل هذه الأيام التي تعاني من ارتفاع حاد في درجات الحرارة تفوق 45 درجة مئوية في بعض الأحيان إضافة إلى فساد اللحوم والخضروات في تلك المبردات، ناهيك عن فساد المحاصيل الزراعية واتلافها بالكامل فانقطاع التيار الكهربائي وتذبذبه أسهم في توقف مزارع كثيرة كانت مصدر دخل لكثير من العائلات”.

منازلنا أفران

وأردف قائلا:” ومن مآسي انقطاع التيار الكهربائي وتذبذبه أنه تزامن مع ارتفاع درجات الحرارة فتحولت المنازل إلى أفران يشوى فيها الصغار والكبار فما بالكم بالمرضى، ففي ظل ارتفاع الحرارة ومرورنا بحالة إظلام تام لعدة أيام مثل كارثة بكل ما تعنيه الكلمة لأن بسببهما انقطعت أسباب الحياة فالماء محبوس في باطن الأرض ولا سبيل لاخراجه، وارتفاع الحرارة حول البيوت إلى افران تحرق”.

إنسان بدائي

واستطرد قائلا:”فما كان لنا من سبيل إلا العودة بالحياة إلى عصر ما قيل الكهرباء وزمن الإنسان البدائي فوضعنا ما تحصلنا عليه من المياه في أواني مفتوحة لعلها تاخذها لفحة هواء فتصيبها بشيء من البرودة وافترشنا الأرض تحت ظل الأشجار هربا من قيظ الشمس وحرارتها، ورافقتنا الشموع في ليالينا في محاولة لمحو ظلمة الليل وحلكته”.

استهزاء بالمواطن

وفيما يتعلق بإلزام المواطن بدفع فاتورة الاستهلاك الشهري للكهرباء فيرى أبوغرارة أن:”

السكوت عن الحق هو من دفع المسؤولين عن الكهرباء للتمادي ضد المواطن البسيط، فللأسف لم نجد أي دعوة رفعت ضد آثار انقطاع الكهرباء وتذبذب التيار الكهربائي وما سببه من أضرار مادية ومعنوية، هذا السكوت والتهاون هو من دفعهم للدعوة إلى زيادة ضريبة الاستهلاك كنوع من الاستهزاء بالمواطن”.

اعتداء على الحقوق

وحول ضريبة الاستهلاك قال النظيف:” طبعا لن يكون هناك ترحيب بعودة نظام العداد الكهربائي، ﻷنه لاتوجد كهرباء في اﻷصل وفي ظل الفوضى وانعدام الخدمات التي يحتاجها المواطن لن يكون هناك أي دوافع تدعوه لتسديد ماعليه فلا مرتبات ولا كهرباء ولاماء، فسبل الحياة لدينا تكاد تكون منعدمة طبقا للمواصفات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان، وبالتالي فإن مطالبة المواطن بدفع تعريفة الكهرباء يعتبر اعتداء على حقوق الانسان”.

عصب الحياة

في حين أكد المهدي الحمروني أن التيار الكهربائي شبه منتظم في مناطق الجفرة وهو أحد مواطنيها حيث قال:” لم نعاني صراحة من الإظلام التام فالتيار الكهربائي لدينا شبه منتظم وتغيب الكهرباء لمدة أربعة ساعات يوميا ولكن أعتقد أن منطقة الجفرة مرت منذ شهر أو أقل بقليل في حالة من الانقطاع وصلت لأثنى عشرة ساعة فقط أي نصف يوم والحمد لله، لكن في نفس الوقت نحن نعاني من نقص وتذبذب مؤثر في الأداء مما رفع من نسبة خسائر الميكنة في المزارع والبيوت كما أثر سلبا على عملية إمداد المياه الأمر الذي أدى بدوره إلى رفع تكاليف التزود بها بدرجة مجحفة في ظل انعدام السيولة النقدية في المصارف وأعني بهذا أن الناس هنا تحاول تخفيض جهد المضخات إلى الحد الأدنى عندما تغامر بتشغيلها من أجل إنقاذ محاصيلها أما في المنازل فهناك خسائر فادحة أرهقت المواطنين خاصة أن تكلفة الصيانة مرتفعة، ويبقى القول أن الكهرباء عصب الحياة وتطورها وفي تذبذبها مؤشر تراجع وتخلف إلى حياة بدائية في كل مظاهر الخدمات الحيوية”.

منشور له صلة

الدكتور بوقرين يهني المغرب بنجاح أول عملية جراحية روبورتية

يسرني وبكل فخر أن أتقدم بأصدق آيات التهاني والتبريكات لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية المغربية بمناسبة…

يومين منذ

صلاح البلاد في إصلاح التعليم.

د.علي المبروك أبوقرين للتذكير جيل الخمسينات وانا أحدهم كانت الدولة حديثة العهد وتفتقر للمقومات ،…

3 أيام منذ

اليوم العالمي للسكري

د.علي المبروك أبوقرينقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 ديسيمبر 2007 على أن يكون 14…

6 أيام منذ

كلام الناس يكشف أسباب استيراد السلع من الخارج وإهمال المنتجات الوطنية!

في حلقة جديدة من برنامج كلام الناس 22 سلطت الضوء على أسباب سيطرة المنتجات المستوردة…

7 أيام منذ

فاكانيتي والوباء والتطعيم

د.علي المبروك أبوقرين في نهاية الأربعينات وقبل إستقلال البلاد بمدة بسيطة , وفي ضواحى طرابلس…

أسبوع واحد منذ

ليست بالحروب وحدها تدمر الأوطان

د.علي المبروك أبوقرين الأعداء المتربصين بالوطن لهم أهدافهم الواضحة ، ويسعوا جاهدين لتحقيقها ، مستخدمين…

أسبوعين منذ