منذ أن أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن تعيين ريتشارد نورلاند سفيرا لها في ليبيا أدركنا ان هذا التعيين يؤشر الى تغيير في الموقف الامريكي في التعاطي مع الملف الليبي ، وان إدارة الرئيس ترامب تعد لامر ما ، وبعد فترة كمون مابين اعلان التعيين ومباشرة السفير لعمله من تونس وتحركاته ولقاءاته المتعددة مع كل من له علاقة بالملف الليبي ، وفي إطار التحضير للقاء برلين جري في العاصمة الانجليزية لندن الاسبوع الماضي لقاء بين رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج والسفير الامريكي نورلاند (لن نتوقف عند مكان الاجتماع والبروتوكول فتلك حكاية اخري ) المهم أن اللقاء الذي أعلنت عنه السفارة الامريكية في ليبيا عبر موقعها الالكتروني أعربت الولايات المتحدة عن استعدادها لتقديم الدعم الكامل للحوار السياسي بين اطراف الازمة الليبية ، مجددة معارضتها للتصعيد العسكري ، وأوضحت السفارة أن اجتماع السراج ونورلاند خصص لمناقشة الجهود المبذولة لإنهاء الصراع في طرابلس الذي دخل شهره السابع .
وتأتي العودة الأمريكية للساحة الليبية بعد الانكفاء من الساحة بعد مقتل السفير الامريكي كريستوفر ستيفنز في العام 2012 اثر هجوم الجماعات الإرهابية المتطرفة على القنصلية الأمريكية في بنغازي ، وهو ما تأكد بعد الخروج من طرابلس في العام 2014 اثر انطلاق العملية العسكرية التي سميت تجاوزا فجر ليبيا والتي كانت إيذانا بدخول ليبيا الهوة .
الولايات المتحدة ادركت ان ابتعادها عن الملف الليبي وتسليمه لأطراف اخري قد ترك اثارا سلبية وزاد وفاقم من سوء الأوضاع في المنطقة ، وتحولت ليبيا الي حلبة للصراعات الإقليمية والدولية ، بشكل يهدد المصالح الامريكية في المستقبل ، في ظل تحول البلاد الى مكب للجماعات المتطرفة المسلحة من مختلف دول العالم وهو ما هدد جهودها لمكافحة الاٍرهاب والتطرف في جنوب البحر الأبيض المتوسط ودول الحزام الصحراوي .
ووفقا لهذه القراءات فإن الإدارة الأمريكية عملت على تدارك الامر وتسعي من خلال عودتها لادارك الملف الليبي لإحداث تغيير على المشهد السياسي والاقتصادي والأمني في ليبيا بشكل يؤدي إلى تصحيح الأخطاء الكارثية التي ارتكبتها إدارة الرئيس أوباما ، وإعادة الهدوء والاستقرار لليبيا وصولا للحفاظ على أمن ومصالح امريكا في المنطقة، وهو الامر الذي يوجه رسائل للداخل الليبي والخارج بحدوث تحولات ما بعد لقاء برلين .
وإجمالا و حتي لا نتهم بالإغراق في التفاؤل ، تظل الجهود الأمريكية لحل الأزمة الليبية رهينة بالدرجة الأولي بمدي قدرتها في التأثير على حلفاؤها الدوليين والإقليميين المتورطين في الصراع ، وبدرجة اقل بقدرة الأطراف المحلية على معالجة السياسات الداخلية الكارثية التي جعلت البلاد ألعوبة في الأيادي الخارجية .
الطبخة الأمريكية تعد على نار هادئة ولم تنضج بعد لأسباب يعلمها الطباخ والى ان يحين موعد نضجها نكتف بالمتابعة مع دعواتنا بالا يطول الانتظار .