الطوارئ الصحية في الحروب
د.علي المبروك ابوقرين
إن الحروب التي لا تلتزم بالقانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين وحقوق الإنسان ، هي حروب مدمرة تطال المدن والبنى التحتية والمدنيين ، ويذهب ضحيتها الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ وتطال المستشفيات والمرافق الصحية ، والمرضى والعاملين بالقطاع الصحي ، ولا ينجو منها المدارس ودور العبادة والملاجئ ، وقد تتعرض مدن او بلدان للحصار الجائر ويمنع عنها دخول الأدوية والمستلزمات والمعدات الطبية ، او يطلب من المستشفيات الأخلاء القصري ، أو الاستهداف المباشر الذي يهدد حياة الأطباء والمسعفين والمرضى والجرحى ، وكل من احتمى بها من المدنيين العزل ، وعليه على الجهات المسؤولة ضرورة إتخاذ الإجراءات العاجلة لوضع القطاع الصحي أكثر جاهزية واستعداد لأي ضروف طارئة ، ولهذا من الضروري إعتماد خطة طوارىء صحية بإستراتيجيات واضحة وسيناريوهات متعددة ومتنوعة بخطط وخطط بديلة تتماشى مع الأوضاع ، وتضمن قدرة النظام الصحي على القيام بمهامه على أكمل وجه ، وهذا يتطلب تشكيل هيئة طوارئ صحية ، وتشغيل جميع المرافق الصحية بسعتها القصوى وبكل مستوياتها ، وتأمين مخزونات إستراتيجية للإمداد الطبي والتموين ومواد التشغيل لكل منها ، وتأهيل المستشفيات بما يجعلها قادرة على تقديم جميع الخدمات الصحية ، وتغطية كل التخصصات مهما تنوعت وتعددت وزادت أعدادها ، وتفعيل أقسام الطوارئ بكل المستشفيات والمجمعات والمراكز الصحية ، وضرورة تهيئة جميع المستشفيات والمرافق الصحية لتكون بالمرونة التي تجعلها قابلة للتوسع في السعات السريرية وفي غرف العمليات والعنايات ، وربط كل المرافق بمنظومات اتصالات آمنة ومؤمنة ، وتأهيل إدارات المستشفيات والمرافق الصحية للتعامل مع الأحداث مهمًا كانت أنواعها ، وتأمين كل المتطلبات التشغيلية وبدائلها الاحتياطية مثل الكهرباء والغازات والمياه ، وتأمين خدمات الإسعاف والطوارئ والإخلاء الطبي بالإمكانيات اللازمة من سيارات الإسعاف المجهزة والمتنوعة وفق طبيعة الأماكن ، وطيران الإسعاف العمودي والجناح الثابت لمن له الامكانيات لذلك ، والخدمات الطبية الطارئة المتنقلة المجرورة منها والثابتة ، والمستشفيات الميدانية المجهزة ، والكوادر الطبية والطبية المساعدة والمساندة المؤهلة ، ومما يستوجب بناء الهياكل التنظيمية لكل منها وتوفر القوى العاملة الصحية المدربة وإخضاعها لبرامج تدريبية مكثفة ، وتوفير كل الإمكانات اللوجيستية المطلوبة لتشغيل منظومة الإسعاف والطوارئ والإخلاء الطبي على أكمل وجه ، وبالضرورة في حالات الطوارئ ادماج كل المرافق الصحية العامة والخاصة والنوعية والهلال والصليب الاحمر وكليات الطبيات وكليات ومعاهد التمريض والتقنية الطبية في خطة طوارئ صحية موحدة ، وتخضع جميعها لقانون الطوارئ الصحية ، الذي يحدد المسؤوليات والسلطات والمهام والإجراءات والتدابير التنفيذية ..
مع الوضع في الاعتبار تأمين الخدمات الصحية الروتينية على أعلى مستوى من الجاهزية والاستمرارية لمرضى الأورام والكلى والجهاز التنفسي والأمراض المزمنة ومكافحة الأوبئة والأمراض المعدية..
وضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لحماية جميع المنشآت الصحية والقوى العاملة الصحية وجهاز الإسعاف والإنقاذ واخلاء المصابين والمرضى . وكل من له علاقة بالقطاع الصحي.
والتفكير الفعلي في بناء مستشفيات بمواصفات تقاوم الحروب والكوارث..
إن الاستعداد لمواجهة التحديات والتدخل السريع يقلل الأضرار ، ويجنب الكثير من المخاطر ، ويحافظ على حياة الناس ، وهذا يتطلب رصد الأموال وحشد القوى العاملة الصحية بأعداد كبيرة وتكثيف التدريب والتأهيل لها ، والتجهيز الكامل بكل ما يلزم للتعامل الطبي مع الحروب مهما كانت شدتها وطالت مدتها ..
وللأهمية القصوى ضرورة التنسيق المستمر والتعاون المشترك مع دول الجوار والمنظمات الإقليمية والعربية والدولية المعنية بالصحة والطوارئ الصحية للمساعدة ومد يد العون لمن احتاجها ، أو طلب العون والمساندة عند الحاجة ..
والأهم هو مراجعة القانون الدولي الإنساني وتحديثه …
.حفظ الله أمتنا وبلادنا …
.