العسكر والساسة والدين !!
الهادي شليق
السياسة تفسد الأخلاق بما تمليه من مكر وخداع ونفاق ومراوغة ، كما تفسد الدين أيضًا ، الذي تتعارض قيمه ومبادئه السمحة مع السياسة التي تبيح القتل والإرهاب والقمع ، وكل فعل معيب يُمَكن الساسة من الاستمرار في الحكم ، وفرض شروطهم ، وهو ما يوجب على رجال الدين الابتعاد عنها والاكتفاء بالنصح والإرشاد وإصلاح ذات البين ، والوقوف على الحياد بين الأخوة المتقاتلين ، لا توزيع بطاقات الجنة والنار والدعوة للقتال والتحريض على العنف ، كما يفعل أكبر علماء الدين في بلدنا الذي أمام كل هزيمة لفريقه السياسي أمام الخصم لا يَصب اللعنات والسباب فقط ، بل إنه يدعو إلى الثأر والانتقام والتحشيد والقتل ودفع الشباب إلى أتون المعارك ، خدمة لمصالحة السياسة ، لا خدمة للدين ولا للوطن .
لم نسمع عن رجل دين سماوي في العالم يدعو إلى الوقوف في وجه جيش بلاده الذي يحارب الاٍرهاب والخارجين عن القانون ، ويقدم التضحيات والدم في سبيل فرض هيبة الدولة ، والحفاظ على سيادتها ضد العصابات الداخلية والخارجية ، وينزل إلى ميادين السياسة بقوة وعنف ، في محاولة يائسة منه للنيل من الخصم السياسي ، الذي اعترفت به الدول الكبرى والصغرى ، وتعاملت معه كأحد مفاتيح الحل في ليبيا ، للخروج بها من أزمتها الحالية ، وهو ما يعني أن كل المحاولات لرجال الدين والسياسة لم تجد نفعا أمام ما فرضه الجيش الليبي على أرض الواقع ، وعلى كل الخصوم الاعتراف بذلك ، ولقاء أبوظبي الأخير خير شاهد على ذلك ، حيث أشادت كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وأمريكا والأمم المتحدة بِه ، وهو ما يعني ضوءا اخضرا على ما تم الاتفاق عليه ، والذي لم يعلن على الملأ ، إلا القليل منه ، وعلى كل الخصوم السياسيين ورجال الدين أن يمتلكوا الشجاعة ، ويعترفوا بما حققه الجيش ، بل ويشيدوا بذلك ، كما فعل ضباط كبار سياسيين ، نحترمهم ونجلهم ، لم يزيفوا الوقائع ، ولَم يكذبوا ، كما استمرأ غيرهم الكذب .