العمامة والمصلح الاجتماعي
نجاح مصدق
يكاد لا يخلو حي أو شارع أو مدينة في بلادنا من وجود أولئك الأشخاص الذين يملكون من صفات الاتزان والعقلانية والخلق الحسن والاحترام ما يمكنهم من التحكيم أو لعب دور المصلح الاجتماعي لكثر المشاكل والخلافات والذين يلجأ إليهم الكثيرون ويجدون لديهم الصدر الرحب والأذان المصغية والحكمة لفض نزاع أو لرد قطيعة أو غيره مكنتهم الشخصية المحببة والصدق وقربهم من الجميع من أن يكون وجهة ومقصد دون ترتيب مسبق منهم أو تخطيط هذا هو الشكل المقبول اجتماعياً والموثوق به بين الناس للعب هذا الدور فالمصلح الاجتماعي مر بمراحل تغيير مختلفة مع الحركة الطبقية والتاريخية للحياة الاجتماعية فحتى وقت قريب كان شبح القبيلة لازال في بعض المناطق والجهات التى يسودها تشريع القبيلة وسيدها هو صاحب الكلمة الفصل والمرجع الذي يقصده الجميع ويحتكمون إليه لحل مشاكل العشيرة وأهلها ومع تسارع الحياة والتغير الذي طالها لتكن المدنية المظهر الأكثر تحضراً انحسر دور سيد القبيلة إلى حيث المضارب والعائلات ذات الخصوصية الواحدة والسمات الخاصة في بقعة جغرافية محددة وظهر مع هذا التطور والتغير أشكال جديدة لدور المصلح الاجتماعي فهناك الأكاديمي العلمي الموجود قي كل مناحي ومناشط الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وهذا تواجده غير متاح للعوام هو محصور بين المكاتب والإدارات ودوره عبر وسائل الإعلام أما الآخر الذي اعتمد على دور المصلح الاجتماعي للوصول إلى أهدافه أو الكسب المادي السريع فهو آخر أفرزته حاجة المجتمع لوجود من هم على درجة من الوعي والعلم ولكن هم ليسوا الخيار الأنسب والأفضل بل هم يتقاسمون دور المصلح الاجتماعي مع أصحاب العمامة ومانحي ” الرُقى الشرعية ” المستغلين للدين وما يضيفه من وجاهه وما له من تأثير على الأشخاص والأسرة للعب دور المصلح الاجتماعي والذي في حقيقة الأمر لا يعدو كونه منشغلاً اجتماعياً يتضمن في اختيار الأشخاص الذين يقدم لهم الخدمة من شخصيات عامة أو معروفة أو ذات مكانة في مجتمع يمارس عليهم دور المصلح فيما إذا وقعوا في إشكالية ويسعى لتقديم ما أمكنه و بكل الوسائل لخدمتهم مقابل الحصول على مكسب أو الوصول إلى مصلحة ما .
إن استغلال الدين ولبس العمامة والجلباب وقراءة آيات القرآن الكريم مظاهر قد تحدث تخديراً لدى البعض وتستدرجهم إلى مصيدة الأنساب والتهجين وتتيح أمام أصحابهم فرص لكشف أسرار ومعرفة خبايا وتجعل منهم تبع وفي حالة قبول لكل ما يقدم وتصديق لكل ما يقال ولكن هل البعض الآخر والذي تغول عليه ليكن كلاً قادراً في لحظة ما من نزع العمامة المتسخة وتعرية رأس الحقيقة والوصول إلى إصلاح يبدأ من الذات بلا وساطة واستغلال .