بقعة ضوء ..
الفيس بوك والتباعد الاجتماعي !!
بقلم : عمر قاسم سويكر
كان دائما مالدي جدولا زمنياً لزيارة أصدقائي الذين اخترتهم بعناية ؛ فكل واحد من هؤلاء الأصدقاء لديه مكانة خاصة في قلبي ، أذهب إليهم أتبادل معهم أطراف الحديث نشكو مشكلاتنا ونتشاور في أمورنا ونتحاور لكنني اليوم لم أعد ألقي بالاً للزيارات ولم أعد أشتاق لكلامهم ولم أعد أحلل تعبيرات وجوههم التي تنطق بحقيقة أحوالهم ، فيكفيني أن أجلس على جهاز الحاسب الآلي الخاص بي والذهاب إلى أيقونة الفيس بوك الذي حباني بمعرفة ( ربع الشعب الليبي، ) على اختلاف أعراقهم وأخلاقهم ، فبفضل الفيس بوك لم أعد بحاجة إلى اتعاب قدمي بالعديد من الزيارات ، ولم أعد بحاجة إلى التدقيق في ملامح الأصدقاء فيكفيني لتفقد أحوالهم قراءة ثلاث كلمات ( أشعر بالفرح ، أشعر بالحزن ، أشعر بالضجر) ؛وما أن أقرأ هذه الكلمات إلا وأبدأ في طرح التساؤلات ؟ هل هذا الشعور حقيقي أم افتراضي ، هل هذه الكلمات تكفي لمعرفة أحوال أصدقائك على حقيقتها أم هي أحوال افتراضية مثلها مثل العالم الذي خرجت منه ومع مرور الزمن لم يعد لدي وقت لطرح هذه التساؤلات لأن أصدقاء الفيس بوك بلغ عددهم أضعاف أضعاف أصدقائي الذين تعرفت عليهم في العالم الحقيقي فلو أعطيت لنفسي الحق لترقب أحوالهم عن كثب لضاع اليوم وماجنيت شيئاً؛ إن ظاهرة ( التفسفيس) بالرغم من مالها من مزايا في تقريب البعيد وفي تبادل الثقافات والتعرف على النخب إلا أنها لها أثارها السلبية اجتماعياً؛ فالفيس بوك وسيلة عامة تجعلك تحرص تلقائيا على شكلك الاجتماعي ومركزك بين الأصدقاء الذين ليسوا على درجة واحدة من القرب الوجداني فقد تلبس ثوباً غير ثوبك بطبيعة الحال وتبدي رأيا غير رأيك في كثير من الأحوال ليصدق عليه مسمى وسيلة الإعلام الاجتماعي والدعاية الاجتماعية أكثر من التواصل الاجتماعي ، وحتى الدردشات الخاصة بينك وبين الأصدقاء برغم احتوائها على تقنية الفيديو إلا أنها في أغلب الأحوال تفتقد إلى تعبيرات وجهك ونبرات صوتك وإيماءاتك وسكناتك ، مما يجعل ماتقوله في كثير من الأحوال لا يعبر عن حقيقة العلاقة الاجتماعية بينك وبين من تحدث ..