” اللغة العربية يسر لا عسر ونحن نملكها كما كان القدماء يملكونها ولنا أن نضيف إليها ألفاظاً لم تكن مستعملة في العصر القديم ”
هذه الكلمات قالها عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين الذي تولى مناصب في مصر في الجامعة وحتى وصل إلى وزير لوزارة التعليم الذي قال ذات مرة لطلاب هاجموه بالقول إرحل يا أعمى فأجابهم الحمد لله الذي خلقني أعمى كي لا أرى وجوهكم !
وهذا الأديب الراحل الكبير طه حسين بكلماته في حق اللغة العربية دليل على أنها قوية وصالحة للاستخدام في كل عصر وحين يمر هذه الأيام يوم إحياء اللغة العربية ولأنها لغة حية من اللغات الأولى التي يتحدث بها الملايين من البشر ولغة قوية وثرية لا تعجز عن توليد وإيجاد أسم لمسمى لو كان حديثاً بل أنها تجد عديد الأسماء لمسمى واحد مثال ذلك الأسد الذي تصل إلى العشرات عكس اللغات الأخرى فهي تضطر إلى تركيب الأسماء من كلمتين ولا تتكفي بكلمة لأنها لا تؤدي المعنى المطلوب الذي يصل إلى الملتقي فيفهمه والدليل الأكيد والشافي على مقدرة لغة الضاد التي تفردت بهذا الحرف دون غيرها من اللغات هو نزول القرآن الكريم بها “قرآنا عربياً” واستطاعت أن تعبّر عن معانية وتحتوي ألفاظه ومراميه :
وسعت كتاب الله لفظاً وغاية … وماضقت عن آي به وعظات أنا البحر في أحشائه الدركا من …. فهل ساءلوا الغوص عن صرفاتي ؟ حديثنا عن اللغة ومقدرتها وهمومها نجد أنفسنا مدفوعين للخوض فيه للتنبيه والتحذير من مخاطر إهمال اللغة وعدم تقدير العواقب وتبعاتها والاستمرار في هذا العبث ونحر اللغة وتقطيع أوصالها دون تأنيب ضمير ولا إحساس بذنب ولا أسف على ماضٍ تولى لن أتحدث بتفصيل على ما يحدث في الوطن العربي من حرب على لغته ، لغة القرآن الكريم فيكفي القول إلى جانب الإعلام واستعماله للألفاظ الأجنبية الصعبة والغريبة على المواطن العربي وترك الألفاظ العربية المفهومة والسلسلة والقريبة منه فمثلاً في الدورات العربية الخالصة مثل الرياضة منها تتم كتابة أسماء الأندية واللاعبين والقوائم باللغة الأجنبية ولا يشاهدها إلا العرب !.
نعود للشأن المحلي وخاصة القنوات والإذاعات حيث تجد المتحدث لا علاقة له باللغة وألفاظها ومعانيها ونطقها فكل من هب ودب وله ارتباط بالمسؤولين فيه له علاقة قرب أو مصلحة تكون له الأولوية ولا مكان ولا حاجة للمقتدرين المتمكنين لغوياً .
وفي شوارعنا المحال التجارية والمقاهي والمكاتب والأسواق حيث تدلك اللافتات بألونها وأنواعها معلنة عن نشاطات وبضائع تلك الأمكنة بتسميات غريبة عجيبة أجنبية كمدن إيطاليا ونواديها بعضها إن لم أقل أغلبها مكتوب بلغة أجنبية حتى أن إحداها مكتوبة بلغة أجنبية خالصة ولا أدري لمن تعلن هذه الجهات لترويج نشاطها ؟ ! هل لنا نحن الليبيين أم لأجانب غير مرئيين لنا ؟ هل من مجيب ؟ لا أحد أما حديث الناس بينهم فتجد البعض يبحث فتجد البعض يبحث وينتقي الكلمات الأجنبية ليظهر علمه وتحضره وتفوقه وتميزه – كما يعتقد – يلجأون إلى ذلك ولا يدركون أن اللغة هي الهوية وهي الشخصية وهي الواجهة والجذور التى تربط الشعوب بأراضيها وحياتها فاندثار اللغة وبالتالي موتها هو نهاية المتحدثين بها يقول الشاهر حافظ إبراهيم متحدثاً بلسان اللغة العربية وهي تخشى نهايتهم بعد موتها بعدم التحدث بها :- فلا تكلوني للزمان فإنني … أخاف عليكم أن تحين وفاتي .
وعلى الجهات المسؤولة وفي مقدمتهم الهيئة العامة للثقافة العمل مع الدوائر المسؤولية بإحداث البرامج الإعلامية في القنوات لخدمة اللغة والإكثار من الدراسات والملتقيات وورش العمل لتوعية الناس بأهمية لغتهم هويتهم ووجوودهم وتطبيق القوانين واللوائح من قبل الجهات الضبطية التي تقدر وتحترم حقها وهيبتها وحمايتها وإن كان القرآن الكريم قد ضمن حفظها وحمايتها بحفظ القرآن الكريم لأنه نزل بها ” إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ” .