نبض الشارع
ما أن ينقشع هم من الهموم المزمنة التي تقض مضجع المواطن الليبي ، حتى يبتدع أهل الحل والربط أزمة جديدة ، وكأن الأمر بات نكاية فيه !!
فعلى الرغم من ملامح التراجع الذي تشهده حزمة الإصلاحات الاقتصادية ، بعودة أزمة السيولة النقدية للظهور مجددا ، والارتفاع اليومي المتواصل لسعر العملات الأجنبية بالسوق السوداء ، الذي أدى بدوره إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية ، وعلى الرغم من الظروف السلبية التي أوجدتها جائحة ” كورونا ” على المشهد الاقتصادي في ليبيا ، وما رافق هذه الأحوال من انقطاع شبه متواصل للمياه وللتيار الكهربائي .
هاهي وزارة المالية عبر أداة من أدواتها ألا وهي مصلحة الجمارك ، تزيد هما آخر على سابق الهموم التي يعانيها المواطن الليبي منذ أمد ليس بالقصير ، بعدم إفراجها على السلع الواردة للمنافذ الجمركية والموردة بدون اعتماد مستندي ، بحجة أن فترة التمديد الأخير الصادرة عن المجلس الرئاسي قد انتهت ؟! الأمر الذي تسبب في بقاء مئات الحاويات مرمية في العراء بأرضيات الموانئ تحرق الشمس محتوياتها التي هي في الغالب سلعا استهلاكية سريعة العطب بفعل التخزين غير المناسب .
هذا الموقف غير المسئول من قبل من أوكلت إليهم المسئولية ، هو إهدار للمال ، وإعدام مع سبق الإصرار والترصد لما تبقى من ثقة بين القطاع الخاص والجهات المعنية بالشأن الاقتصادي .
فمن غير المعقول أن تتمسك هذه الجهات بسبب تلغيه أسباب .. كان مقبولا هذا الإجراء حين كانت الاعتمادات متاحة لكل التجار المستوفية إجراءاتهم القانونية ، لكن بعد أن حصر المصرف المركزي الاعتمادات في سلع محدودة من بينها الأدوية ، توقف حال أصحاب الأنشطة التجارية الأخرى التي من أجل لقمة العيش والاستمرار في العمل رغم الظروف غير المواتية لجاءت بطبية الحال إلى الاعتماد على السوق الموازي لتغطية قيمة وارداتها .
إن مكافحة السوق الموازي لا تأتي بهذه الطريقة وهذا الأسلوب ، بل بتسهيل إجراءات الاعتمادات المستندية ، وإتاحة الفرصة لكل ممارسي الأنشطة الاقتصادية بلا استثناء ، حتى لا تبقى الكرة متداولة بين رؤوس بعينها دون غيرها ، وحتى لا يزداد الدولار غلوا عن غلوه .
والتمسك باللوائح والتشريعات ، لا يجب أن يكون على حساب المصلحة العامة ، خاصة أن الظرف الدولي الناجم عن جائحة كورونا قد انعكس سلبا على الاقتصاد العالمي متسبب في تذبذب إنتاج وانسياب السلع .
وطالما أن وزير المالية مقتنع بأن لب المشكلة سببه مصرف ليبيا المركزي ، فالأولى به أن يتجاوز هذا العبث ، ويأذن لمصلحة الجمارك بالإفراج عن السلع المحتجزة بدلا من الرمي باللائمة على مصرف ليبيا المركزي الذي يعرف الجميع أنه يتلذذ دائما بوضع العقدة في المشار .