كتاب الرائ

تحية لمجلة ( العربي ) في عامها الستين

محمود السوكني

تحية لمجلة ( العربي ) في عامها الستين

 

ستون عاماً مضت منذ صدور مجلة (العربي) الكويتيَة لم تتوقف فيهم عن الصدور شهريَاً سوى سبعة أشهر بسبب الغزو العراقي للكويت ، هذه المجلة الثقافيَة العربيَة المصوَرة إعتمدت منذ صدورها في شهر ديسمبر عام 1958م شعار ( يكتبها العرب ويقرأها كل العرب ) وإستقطبت مشاهير الكتَاب العرب بدءً من عميد الأدب العربي “طه حسين” وصنوه صاحب العبقريات “عباس العقاد” والحائز على جائزة نوبل ” نجيب محفوظ ” وشاعر المرأة “نزار قباني” ومن لحق بهم كالناقد “جابر عصفور” والشاعر “فاروق شوشة” وغيرهم من شعراء ورواة لايسع المجال لذكرهم ممن ساهموا بكتاباتهم المتنوعة في تشكيل الوجدان العربي فيما هو مفيد ونافع لخدمة فكر الأمة وقضاياها المصيريَة . لقد إختطت المجلة دربها المميز على النحو الذي جاء في إفتتاحيَة عددها الأول بقلم رئيس تحريرها الدكتور “أحمد زكي” الذي كان رئيساٍ لجامعة القاهرة ومؤسساٍ لأكاديميَة البحث العلمي والتكنولوجيا في مصر قبل أن يتولى رئاسة تحرير هذه المجلة العريقة ، يقول رئيس التحرير في تلك الإفتتاحيّة (( إن مجلة العربي لهذا الوطن العربي كله ، وهي لكل مايتمخض عن الفكرة العربيَة من معانٍ ، فهي ضد الجهل ومع المعرفة ، وهي ضد المرض ومع الصحَة ومن الصحَة صحَة العقول ، وهي ضد الفقر ومع الغنى ووسيلتها إلى ذلك الثقافة تنشرها والوعي تحييه )) وتأسيساً على ماورد في هذه الإفتتاحيَة كانت المجلة ملاذاً لأجيال متعددة من المثقفين الذين وجدوا فيها براحاً رحباً لنشر أفكارهم التي كانت تفسح لها المجلة صفحاتها دون قيود وفي مناخ حر مسئول لم يتأثر بكون المجلة تصدر عن وزارة الإعلام التي تتولى رعايتها والصرف عليها وتلك لعمري فضيلة تحسب لدولة الكويت التي لم تتوقف يوماً عن دعم المجلة والإصرار على إستمرار صدورها رغم أن اغلب المجلات الثقافية عانت الأمرين من غياب الدعم وضآلة الإهتمام والنظرة الضيقة لمسئولي الثقافة في الوطن العربي تجاه هذا النوع من المطبوعات التي يرونها عبء يجب التخلص منه !! لقد قامت هذه المطبوعة بتعزيز موقعها الريادي لدى القاريء العربي بتنويع إصداراتها المصاحبة للمطبوعة الأم فأصدرت للنشء (العربي الصغير) ودعَمت المكتبة العربية بإصدار (الكتاب العربي) فصليَاً بالإضافة ل (العربي العلمي) وملحق (الشباب العربي) ووصل توزيعها إلى ربع مليون نسخة شهريَاً وهو رقم لم تصله أي مطبوعة ثقافيَة علميَة منافسة لها في وطننا العربي . إن مجلة (العربي) فخر لكل القراء العرب الذين تشبع نهمهم للمعرفة وترضي حاجتهم للإستزادة من منابع الفكر والثقافة عموماً ولست هنا في وارد الحديث عن محتويات المجلة وما تتضمنه من أبواب وما دأبت على نشره من تحقيقات ومقالات متنوعة وفي شتى المجالات إلى جانب ماتقيمه من أنشطة ثقافيَة أخرى كالمسابقات التي ترصد لها المكافآت المجزية والندوات السنويَة التي تدعو لها خيرة المحللين وجمهرة منتقاة من المفكرين تطرح فيها مختلف القضايا والمواضيع التي تشغل بال المواطن في عالمنا العربي وكل هذا متاح لمتابعته والإطلاع عليه عبر “السوشيال ميديا” وكل ما أحببت أن أنوه إليه هو ماتحظى به هذه المطبوعة من إهتمام شريحة واسعة من المثقفين والقراء على إختلاف مستوياتهم مما يدل على أهمية دور هذه المطبوعة في شيوع ثقافة التنوير وكيف أنها اداة مهمة في مكافحة التطرف والإرهاب الذي يعصف بأمتنا ويهدد كيانها . إن دولة ليبيا التي دعت منذ عام 20109م إلى عقد قمة عربيَة للثقافة وأكدت على هذه الدعوه في أكثر من إجتماع رسمي وعلى أعلى المستويات حريٌ بها أن تكون لها مطبوعات وليس مطبوعة ثقافيَة واحدة أو في اسوأ الأحوال أن تسعى لتمكين مواطنيها من إقتناء هذه المطبوعة وغيرها عبر توفيرها في مراكز التوزيع إلى أن تتمكن جهات الإختصاص والمنشغلين بالهم الثقافي من إصدار مطبوعات جادة تليق بتاريخ هذا البلد وتحترم عقلية مواطنيه . تحية إكبار وتقدير لكل من إرتبط إسمه بتلك المجلة العريقة وساهم في تأسيسها وعمل على إستمرار إصدارها بإعتبارها القوى الناعمة نحتاجها في مواجهة الظلاميين من قوى الشر وعشاق الجهل أرباب التخلف .

 

محمود السوكني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button