تحقيقات ولقاءات

تقرير – ظاهرة التحرش .. بين المسكوت عنه وغياب مؤسسات الدولة

نجاح مصدق

تقرير

ظاهرة التحرش .. بين المسكوت عنه وغياب مؤسسات الدولة

نجاح مصدق

للمجتمع الليبي خصوصية مؤطرة بالعرف والدين والعادات والتقاليد وسمات ملامح واضحة للتعاملات في الحياة اليومية له وسكتت عن ما قد يخدش هذا النسيج باسم العيب والفضيحة . التحرش بأنواعه المختلفة اللفظي والمعنوي والجنسي واللإلكتروني وغيره بات جزءاً من الحياة المعاشة في المجتمع الليبي وتجاهله يعد كمن يغمض عينيه عن رؤية الحفز أم الوقوع فيها أو تجاوزها بخوف ولحساسية هذه الظاهرة حاولنا رصد ردود الأفعال عنها في مختلف الفئات .

 

 

التحرش اللفظي

سلمى مرعي / معلمة قالت [ان التحرش أصبح أمراً معاشاً حيث باتت المرأة منذ خروجه من المنزل وهي عرضة لكلمة يلقيها سائق مركبة أو نظرة يرسلها طالب متمادٍ أو مضايقة في إحدى الأسواق من ضعاف النفوس وصراحة نخاف من التبليغ خوفاً من وقوع مشاكل خصوصاً والبلاد بلا أمن مع د انتشار للسلاح .

أما السيد / رياض البلعزي / سائق مركبة قال بأن التحرش زادت في السنوات الأخيرة مع أنتشار الفوضى وعدم التزامن الفتيات بارتداء الملابس المحتشمة .

” التحرش المعنوي ”

هند الزوبي /  موظفة أضافت بأن التحرش مسكوت عنه رغم وجود لعدم وجود رادع وقانون يعاقب عليه أن تعرضت لموقف فيه تحرش أزعجي ومنعني من الخروج لفترة عندما خرج شاب من سيارته في ظهيرة أحدى الأيام في الإشارة الضوئية رافعاً صوته أمام الجمع واصفاً إياي ” بالسمينة والبطه ” لو جلست في بيتك ما حدثت ربكة بالسير حقيقة هذا الكلام سبب لي أذى نفسي ومعنوي ومنعنى من الخروج لأيام من المنزل .

” التحرش الجنسي ”

عبدالقادر حميدة / موظف يقول اللمس والالتصاق ومحاولة الاقتراب من المرأة أو شد ملابسها يعد من التحرش الجنسي الذي نلاحظه للفتيات في الشارع والسوق وحتى المدارس والجامعات وقد وصل إلى مسامعنا قصص عن تحرش جنسي يصل إلى درجة الاعتداء والاغتصاب في الجامعات والمدارس ولكن للخوف من العيب والعار والفضيحة يفضل الجميع السكوت عنها أو أسرتها .

” القانون والرادع ”

ولمحاولة الوصول إلى ما قد يمنع المتحرش من التمادي قانونياً وجدنا أن قانون العقوبات الليبي في مادته 420 ينص على حبس المتحرش لمدة لا تقل عن شهر واحد ولا تزيد عن ستة أشهر سواء أكان التحرش لفظياً أو بالإشارة أو بالفعل ”

” علم الاجتماع والظاهرة”

عن رأي الاجتماع بيّنت السيدة مريم اسويري / إن التحرر المتزايد بين النساء في المجتمع يدفع إلى تفشي ظاهرة التحرش وأضافت أن المرأة الليبية كانت أكثر احتشاماً في ملابسها في الاونة الأخيرة أصبحت طريقة اللباس مخالفة للحياء وخادشة له وهذا ما دفع الكثيرين إلى النظر إليها على أنها خارجة عن السياق أيضاً الانفلات الأمني دفع الكثير من الشباب والفتيات المتحمين بثقافة الانغلاق إلى ارتكاب تصرفات خارجة عن المألوف مثل التحرش بكل صورة لافتة إلى غياب الثقافة الجنسية الصحيحة على خلفية مفهوم الممنوع وخدش الحياء ٍفالسكوت عنها وتصنيفها كعيب من قبل المرأة يشجع المتحرش على التمادي في سلوكياته حتى أن سجلات مراكز الشرطة تكاد تكون خالية من بلاغات تتعلق بحالات مماثلة عن تحرش جنسي أو غيره .

” المستهدفون ”

وفي محاولة لمعرفة الأكثر عرضة للتحرش مع معرفتنا للنساء بأنهن الجانب الأضعف والأكثر خوفاً إلا أننا فوجئنا بأن كثيراً من الشباب تعرضوا لمواقف من فتيات تحرشن بهم لفظياً وبالإشارة وحتى ألكترونياً من خلال إرسال طلبات صداقة ورسائل نتظمة وصور وألفاظ خارجة عن الأدب والحياء .

” أرقام ”

وفي استطلاع عبر مواقع التواصل الاجتماعي قمنا به لأعداد تصل إلى 300 حالة للأجابة عن هل تعرضت للتحرش يوماً فوجئنا بأن عدد 62 % من المستهدفات قلن لا لم نتعرض في حين 48% قالت نعم تعرضت للتحرش ونتعرض كل يوم تتحرش واللفظي الأكثر .

غياب الرادع والقانون أو إنعدام الواعز الديني أو اللباس أو كل ذلك 23% قالوا كل ذلك بينما 30% قالوا لباس المرأة هو السبب 15% قالوا غياب الوازع الديني بينما 32 % قالوا غياب الرادع والعقاب .

ختاماً  .. التركيبة الاجتماعية والعادات والتقاليد ترفض الخوض في مثل هذه المواضيع خوفاً على سمعة النساء و الأسر، وتنامي الظاهرة وعدم اهتمام الجمعيات والمنظمات الحقوقية الخاصة بالمرأة والتوعية بخطورة هذه الظاهرة على القيم المجتمعية يبيح تدخل جهات محلية دولية كلها كما فعلت بعثة الأمم المتحدة حين شددت في بيان له أن التحرش الجنسي سلوك اجرامي وأكدت على ضرورة محاربته وتظل الأسباب عدة والجرم واحد طالما ظلت الظاهرة ضمن المسكوت عنه (والتابو) المحرم الخوض فيه .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button