توطين العلاج
.د.علي المبروك ابوقرين
كان في ليبيا الممرضين وما في حكمهم يقومون ببعض الإسعافات والعلاجات البسيطة ، وكان يتواجد في المدن الكبرى بعض الأطباء الأجانب ، وأستمر التطور في الطب بشكل عام تشخيص وعلاج ، وكذلك الخدمات العلاجية في ليبيا تتقدم شيئا فشيئا عام بعد عام ، إلى أن إنتشرت العديد من المستشفيات والمراكز الصحية والمجمعات الطبية والمستوصفات في كل ربوع الوطن في الربع الاخير من القرن العشرين ، وزادت أعداد الأطباء والتمريض والفنيين وكلما زاد عدد القوى العاملة الصحية الليبية يقل في مقابلها عدد القوى العاملة الصحية الأجنبية ، ويظل الاعتماد مستمر على العمالة الوافدة في المناطق النائية والمدن والقرى البعيدة عن الساحل ، وبطبيعة الحال وتطور الحياة والظروف الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والثقافية تتغير الرغبات والاحتياجات وبالتأكيد تتغير الخدمات وطبيعتها والياتها المختلفة ومنها متغيرات سلبية ومنها إجابية ، وتظل الاحتياجات والمتطلبات للخدمات الصحية متزايدة ومتنوعة ، وفق تطوراتها وإمكانياتها المواكبة للتطورات العلمية والفنية والتقنية والتكنولوجية الحديثة ، والمجتمعات التي تتزايد فيها التوعية الصحية والخدمات الصحية التعزيزية والوقائية تتجنب مخاطر الاصابة بالكثير من الامراض ، وكلما زادت خدمات الرعاية الصحية الاولية بمفهومها الشامل كلما تقلص الاحتياج للخدمات الاستشفائية بالمستشفيات بكل تصنيفاتها نظرا لبرامج الوقاية والكشف المبكر والتوعية الصحية ، والمجتمعات التي تعاني أنظمتها الصحية من خلل هيكلي ووظيفي ، وتفقد كل ماتم ذكره ، تتفاقم بشكل مستمر وكبير الأزمات الصحية ، وتزداد مع نقص الإمكانيات ونقص الكوادر المؤهلة فعليًا ، وتتعقد الأمور على المرضى وذويهم وعلى القطاع الصحي والقائمين عليه .
ولهذا لإنجاح برامج توطين العلاج ، اي الإقلال من الإعتماد على العلاج في الخارج أو العلاج على النفقة الخاصة ( من الجيب ) في الداخل والخارج تحتاج الجهات المعنية أن تعتمد إستراتيجيات متوازية ومنها :-
1- اختيار عدد قليل من المستشفيات في بعض المدن وتأهيلها لتقديم خدمات مرجعية متكاملة.
2 – توفير كل مايلزم من تجهيزات ومستلزمات وأدوية وأطباء في كل التخصصات لضمان تقديم الخدمات المستمرة دون انقطاع في المستشفيات التي تم تأهيلها
3 – ربط المستشفيات المختارة بالمستشفيات والمراكز العالمية المتخصصة بكل الوسائل لضمان الحصول على الخدمات التشخيصية والعلاجية بشكل فوري ومباشر .
4- التعاون مع الاستشاريين والخبراء الزوار في جميع التخصصات للمدد القصيرة والمتوسطة والطويلة حسب حاجة كل مستشفى للعناصر الطبية المتخصصة.
5 – إحالة كل المرضي المشخص امراضها لتلك المستشفيات لتقديم كل الخدمات الطبية اللازمة لهم
6 – بالتوازي تنفيذ برامج تقليل قوائم الانتظار الى ان تصل للمدة المطلوبة والمرجوة لكل إجراء طبي لتحقيق سرعة العلاج والرضى والأمان
7 – العمل في خطوط متوازية في هيكلة القطاع الصحي وخدمات الرعاية الصحية الاولية ( حملات التوعية والتطعيمات والكشف المبكر وغيرها ) وتصنيف باقي المرافق والمستشفيات وتأهيلها بالشكل الذي يجعلها تقدم خدمات صحية متكاملة ومتطورة ومأمونة تتناسب مع حاجات ورغبات المجتمع ومقدمي الخدمات الصحية.
8 – التعليم والتدريب الطبي والصحي والاداري المستمر في كل المراحل السابقة من اليوم الاول ووضع برامج رفع الكفاءة وتقييم الاداء والحوكمة المستمرة .
9 – ضرورة البدء الفوري في تطبيق معايير جودة الخدمات الصحية ومكافحة العدوى وسلامة المرضى في كل المرافق الصحية في المستويات الخدمية المختلفة .
10 – كل القوى العاملة الصحية يجب ان تكون مؤهلة جيدا ومعتمدة
11 – ضرورة تنظيم القطاع الصحي الموحد بما يجعل من النظام الصحي قادر على الاستجابة والمرونة وتحقيق المحددات الصحية والاجتماعية .
١12 – كل ما سبق يحتاج تأمين سلاسل الامداد الطبي من الأدوية والمستلزمات والمعدات الطبية الأصلية وعالية الجودة .
13 – التسجيل الوطني للأمراض
14 – التغطية المالية المستمرة والمستقرة والرقابة المالية والإدارية والفنية السابقة والمصاحبة واللاحقة . ..
وللعلم ان آكثر من 98 % من الحالات التي تضطر للعلاج في الخارج أو على النفقة الخاصة بإمكان علاجها بالمستشفيات الليبية الحكومية ، إذا توفرت الإرادة والإدارة والإمكانيات والاستقرار ..