( جثة حية )
محمد ابوالقاسم الككلي
قراءة الأعمال المسرحية ربما تبعث على الملل، لكنها تبدو ممتعة عندما يكون مؤلفها كاتب في حجم تولستوي الذي تعود شهرته إلى روايته ( الحرب والسلم ) و( آنا كارنينا ) و ( البعث ) ‘
مسرحية ( جثة حية ) اعتمد فيها تولستوي على قصة واقعية تعود أحداثها إلى سنة 1898 م حيث اطلع على قضية كانت معروضة على إحدى المحاكم واشتهرت بأسم قضية الزوجين ( غيمر ) حيث كان الزوج قد أدمن الخمر مما تسبب في فقدانه لوظيفته وأصبح عالة على زوجته التي طلبت منه القيام بالانتحار – انتحار وهمي – ثم تزوجت من من رجل آخر كونها أرملة بعد انتحار الزوج الوهمي، لكن الصدفة لعبت دورها وتم اكتشاف الخدعة وإلقاء القبض على الزوجين، وإدانة الزوجة بالجمع بين زوجين في وقت واحد وحكم عليها بالسجن لمدة عام
هذه الواقعة هي الفكرة الأساسية لهذه المسرحية الذي أنهى تولستوي كتابتها عام 1900 م لكنها لم تنشر إلا عام 1911 م أي بعد وفاته ‘
لقد كانت نفس البطل ( فيديا براتاسف ) تجيش بثورة داخلية كما يقول د – فوزي عطية في المقدمة مبعثها العجز عن مواجهة الشرور التي تحيط به، ومما زاد من حدة هذه الثورة الداخلية في نفسه تفاقم الصراع الناتج عن العلاقات المعقدة بينه وبين زوجته من ناحية، وبين زوجته وصديقه كارينن من ناحية أخرى’
هذه الأسباب جعلته يضل طريقه، واستسلم لفكرة لا معقولية حياته على النحو الذي يعيشه، فقد كان يرفض الروتين والرتابة في الحياة والعمل، ورفض الجرى وراء المال والانغماس في الملذات، الأمر الذي يقضى بضرورة التخلص من هذا الواقع، ولكنه ليس قويا بما فيه الكفاية حتى يتخلص منه ويعمل على تغييره، لذلك جذبه عجزه النفسي إلى التردي والانسياق وراء اهواءه حتى ينسى نفسه وواقعه، وكان سبيله إلى مواجهة الواقع هو الهروب منه ‘
أن فكرة الهروب من الواقع كما يقول د فوزي عطية كانت مسيطرة على تولستوي نفسه طيلة الفترة التي أعقبت صحوته الفكرية بعد ان تكشف له الفارق الشاسع الذي يفصل بين حياته العملية ومعتقداته الذي أراد لها الانتشار لمواجهة الشر والعودة بالإنسان إلى الفطرة السليمة والسلام الداخلي ‘
وكما ترك تولستوي بيته وأسرته في محاولة للهروب من حياته، كذلك نرى بطل المسرحية يجد نفسه عاجزا لا عن معايشة الواقع الذي يعيشه بكل سلبياته وايجابياته فحسب بل وعن مواجهته وتغييره إعلاء للخير ، وحين تتفاقم أزمته الداخلية لا يجد بدأ من محاولة الخلاص من هذه الحياة، فيقوم بتمثيل عملية انتحار لينقل بعدها إلى مرحلة موت وهمي، ومن خلال هذا الموت الوهمي يخطو إلى حياة جديدة، ولكنه لم يشهد فيها بعثا روحيا، فالظروف المحيطة به لم تتح له إمكانية أحياء ما بداخله من مكونات إيجابية، كما أن أعماق نفسه كانت تفتقر للاستعداد لتقبل البعث الروحي، ولذا ظل كما هو جثة حية بين الأحياء، وكان الإخفاق في البعث الروحي السبب في اكتشاف انتحاره الوهمي مما جعله يفضل الانتقال إلى موت حقيقي ليفسح بذلك الطريق أمام سعادة الآخرين ‘
أن هذه المسرحية تذكرنا ب ( الإنسان الزائد ) وهو مصطلح عرفه الأدب الروسي خلال القرن التاسع عشر على يد الكاتب إيفان تورغنيف في روايته ( رودين ) و ( عش النبلاء ) وكذلك الكاتب ليرمنتوف في روايته ( بطل من هذا الزمان )
د.علي المبروك أبوقرين حدث في العقدين الأخيرين تطور متسارع في التقنية والتكنولوجيا الطبية مما أثر…
يسرني وبكل فخر أن أتقدم بأصدق آيات التهاني والتبريكات لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية المغربية بمناسبة…
د.علي المبروك أبوقرين للتذكير جيل الخمسينات وانا أحدهم كانت الدولة حديثة العهد وتفتقر للمقومات ،…
د.علي المبروك أبوقرينقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 ديسيمبر 2007 على أن يكون 14…
في حلقة جديدة من برنامج كلام الناس 22 سلطت الضوء على أسباب سيطرة المنتجات المستوردة…
د.علي المبروك أبوقرين في نهاية الأربعينات وقبل إستقلال البلاد بمدة بسيطة , وفي ضواحى طرابلس…