كتاب الرائ

جنوب أفريقيا وفلسطين والتحرر

الاستعمار مراحل وأشكال ،

د.علي المبروك ابوقرين
وعلى مر العصور سادت امبراطوريات وبادت ، منها من لها تاريخ وحضارة ومنها من دمرت وابادت ، وفي العصر الحديث تنوع الاستعمار بين التواجد العسكري والاحتلال وادارة الدول بالكامل لحساب المستعمر ، ببسط النفوذ واستغلال الخيرات ونهب الثروات لإعمار بلاده ، وتدمير البلدان المحتلة والنيل من كرامة شعوبها ، وتدمير تراثها وارثها الحضاري والثقافي ، وانتهى هذا الاستعمار الاستيطاني العسكري العنصري في معظم بلدان العالم ، وجنوب افريقيا آخر من تحررت في افريقيا ، ولازالت فلسطين العربية تعاني من الاستيطان الصهيوني البربري ، والذي ارتكب جميع الجرائم الوحشية من التهجير والفصل العنصري والإبادة الجماعيه والتطهير العرقي
لمدة 75 عام ، والآن يرتكب أبشع الجرائم ضد الفلسطينيين بدعم القوى الامبريالية ، ويقوم بتدمير البيوت على رؤوس ساكنيها ، ويدمر المستشفيات والمدارس ودور العبادة والملاجئ ، ودمر مصادر المياه والكهرباء والمخابز ومخازن الغذاء والدواء ، ويمارس الإبادة الجماعيه على الفلسطينيين في غزة وكل المدن الفلسطينية ،..
ولازال استعمار النفوذ والتبعية الذي تعاني منه بعض الدول ، والتي يعتبر استقلالها ليس كامل وسيادتها منقوصة ، وهناك استعمار الفكر والثقافة والاقتصاد والادارة والمنهج ، وهذا النوع مستمر ومتجذر في الكثير من دول العالم الثالث ، ولهذا ان الاستقلال السياسي وإنهاء الاستعمار لا تعن نهاية شره ، لان التقدم العلمي المزعوم الذي يتباهى به الغرب لا ينفصل عن تاريخه الاستعماري ، والذي كان اساس تمكينه ، ومقولة الطبيب روس الانجليزي والحائز على جائزة نوبل والذي قال فيها ان نجاح الامبريالية في القرن القادم تعتمد على النجاح في البحث العلمي ، وجهود العلماء في ذلك الوقت لا يمكن فصلها عن محاولات حكوماتهم غزو العالم واحتلاله ، وبرز دورهم في مساعدة الجنود وحمايتهم في المناطق التي يتم احتلالها ، وحقروا اللغات الاخرى الأصلية وادعوا افتقارها للمصطلحات العلمية وان علوم الطب زائفة وعلوم الفلك خاطئة بعد ان ترجموها واستفادوا منها عصوراً سابقة ، وأدعوا أن القدرات العقلية والفكرية لدى الاجناس الاخرى اقل منهم ، ونعتوا الزنوج انهم اقرب للغوريلا ، ووصف المؤرخ ارنولد ديفيد استعمار الجسد من خلال السيطرة على الناس ، واستخدموا الطب سلاح من اجل تأمين الحكم الامبراطوري ، وان قفزات اوروبا العلمية كانت من اجل الهيمنة السياسية والاقتصادية على العالم من خلال نظام استغل الملايين من البشر.
وللأسف حتى بعد نهاية الاستعمار الاستيطاني وتعدد الخبرات العلمية من مختلف البلدان الا ان الارث الاستعماري لازال مستمر ، ولازال الارث اللغوي والثقافي مهيمن ومتجذر ، وهذا استمرارًا للهيمنة والتبعية والاستعمار الفكري والاقتصادي والإعتماد السلبي الناشئ من التعاون الغير متكافئ بين البلدان الأقوى اقتصاديًا مع الاضعف ، وينعكس هذا على استمرار قيام العلماء المحليين بابحاثهم نيابة عن الأجانب الذين للاسف لا يعترفون بهم ولا يشركوهم في النتائج ، ويتم استقطاب جلهم لمراكزهم ، ولازال عقل المستعمر يعزز في توسع الاسواق لترويج منتجاته بمستعمراته السابقة التي نهب ثرواتها واسس بها قوته الصناعية والاقتصادية ، ولازال يتعامل بالتعالي والغطرسة والتمييز مع القوى البشرية التي أستغلها أسواء استغلال في اوطانها وفي بلاده ، ناهيك عن كل الممارسات والتجارب المشبوهة التي مارستها المراكز البحثية وشركات الأدوية وغيرها في البلدان التي تم غزوها واحتلالها واستيطانها ،ولنا في تجربة الكوفيد19 خير دليل على الانانية وحجب التطعيمات والمعدات والمعلومات على معظم سكان العالم ،
وللاسف لازالت الدول تستأنس للمشورة والرأي من من نهب خيراتها واذلها ،
وعلى العالم ان يفكر جديًا في التحرر من شر الاستعمار ومن التبعية والهيمنة الفكرية والثقافية والاقتصادية ، وعلى الشعوب أن تنتصر للغاتها وثقافاتها وارثها الحضاري ، وأن تطالب بملكيتها لكل نتائج الأبحاث التي اجريت في بلدانها ، وأن تتحرر من الهيمنة الثقافية والاقتصادية لتحقق الاستقلال التام ، وتبني تعاون قوي متكافئ مع كل دول وشعوب العالم..
إن التفاخر والمجاهره والتمسك بلغات وثقافات المستعمر استمرار للذل وشعور بالنقص والدونية وعقده الخواجة ..
كثيرا رحل عنهم الاستعمار وبقي شره
كما تحررت جنوب إفريقيا سوف تتحرر فلسطين..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button