حتى لا نفقد الوطن !!
عامر جمعة
الوطنية مفهوم كبير يحرك المشاعر ويوجه فعل الفرد والجماعة وينعكس على تصرفاتهم ،
وبالنظر لواقع الحال في بلادنا نرى الوطنية هي مجرد انتماء إلى رقعة جغرافية والإقامة فيها، لا أكثر ولا أقل ، وعلى الرغم من أن الصفة مستمدة من الوطن.
صحيح أن الوطنية في المطلق تحمل كم من الدلالات تمثل وجهات نظر المتلقي وفكره، لكن في عقلية المواطن الليبي مجرد كلمة فضفاضة ، يتعاطى معها بمفهوم أناني ، لا يرى في الوطن سوى بقرة حلوب يتخلى عنها متى جف ضرعها ، ومجرد فندق فخم يرحل عنه متى تراجعت خدماته ، والشواهد على ذلك كثيرة تنبئنا بها المنافذ البرية والجوية وقت الشدة .
الوطن ليس كعكة حلوة المذاق وكفى ، ولن تكون حلوة المذاق مالم يكن الفعل الإيجابي سكرها .
الوطن يحتاج إلى أيدي تبنيه وقلوب تنبض بحبه ، لا أيدي عابثة .
حين نرمي فضلاتنا كيفما اتفق ، نكون قد عبرنا عن كرهنا للوطن ، وحين نتلكأ في تنفيذ مسئولياتنا الوظيفية ، فإننا نشد الوطن إلى الخلف بوتيرة متصاعدة كلما مر الوقت .
درجنا على استحلاب الوطن ، هذا يريد قرار إيفاد للدراسة في الخارج ، وعندما يحصل عليه ويتخرج ، يعطي ظهره للوطن ، وذاك يطالب بزيادة راتبه دون إنتاج ، وآخرين يسلمون مقاليد اللعبة الاقتصادية للغرباء ليتحكموا في الغذاء والدواء ويرسمون خارطة الأسعار وفق أهوائهم . ذلك مقابل كم من الدنانير يتقاضونها بفرح لأنها تقدم لهم بلا جهد .
ومثلهم يسلمون مزارعهم للوافدين يلوثون تربتها بالمبيدات الحشرية والأسمدة الممنوعة دوليا لأجل تحصيل إنتاج أكثر ، مقابل نسبة من الإيرادات .
ماذا قدمنا للوطن ؟ لا شيء بعد أن سلمنا مقاليده للآخرين ، ووقفنا متفرجين على خيبتنا ، حتى أمست كل الخدمات ومواقع الإنتاج في أيدي الوافدين .
الوطنية عطاء وحرص وبناء ، فأين نحن منها ، ومتى نفيق من غفوتنا كي ينصلح حالنا ، حتى لا نفقد الوطن ؟