بإختصار
اعترف انني منذ عدة سنوات لم اعد مهتم بمتابعة دكاكين الفضائيات الليبية وبرامجها الا ما نذر، وخاصة ان جل هذه القنوات توزعت ما بين قنوات تروج لأعلام هابط وأخري درجت على نشر خطاب التحريض على العنف والقتل بين الليبيين بشكل مبالغ فيه، بالإضافة ان اغلبها وقع أسيرًا للتمويل الخارجي ليتحول الى اداة من أدوات نشر الفوضى والعنف في ليبيا منذ مطلع العام 2011 الى يومنا هذا.
وفي ظل تسيد مجموعات من المتعصبين والجهلة للمشهد في جل القنوات كان البحث عن مساحة في البث تبعث على الامل وتبعدنا عن هذه الاجواء الكئيبة الموزعة بين تفاهة وتحريض ، لفت انتباهي اثناء تنقلي بين القنوات الليبية المختلفة الوجه الإعلامي البارز الاستاذ الهادي الغناي الذي عرفناه عبر فقرات البرامج المسموع في إذاعة طرابلس المحلية التي استطاع عبر أثيرها ان يجذب المستمعين ، وايضاً من خلال اللقاءات التي كانت تجمعنا بالإعلاميين الرياضيين وخاصة في مباريات كرة القدم ، لينتقل الى الاعلام المرئي ليصبح احد نجومه اللامعين بتفرده وتقديم برنامج مباشر على قناة الرسمية يعني بالشؤون العامة وحل مشاكل المواطنين .
وما زاد وشدني للبرنامج طريقة السهل الممتنع التي يقدم بها ( عمي الهادي) حسبما يناديه اغلب المشاهدين برنامجه دون أي تكلف أو اصطناع وسعيه الجاد في عرض مختلف قضايا وهموم المواطن ، في مختلف القطاعات العامة والمتقاعدين الذي يعد النصير لهم والمدافع عن حقوقهم المهضومة ، ولَم يستعمل برنامجه للدعاية او لتلميع أي جهة أو شخصية قيادية ، بل حرص حرصًا كبير على توجيه النقد الإيجابي وتوضيح مواطن الخلل في مختلف القطاعات بلغة بسيطة بعيدا عن الإسفاف وابتزاز الأفراد ومؤسسات الدولة الذي درج عليه مقدمو برامج وضيوفهم على طريقة عندي مستندات !
البرنامج دق نواقيس الخطر ونتمنى ان يوقظ جماعة ( الراقدون على بطونهم والدجي من فوقهم حجر ) على راي الشاعر الكبير الراحل محمد الفيتوري ، على المشاكل التي تعاني منها طرابلس ، اولها مشكلة النظافة والمكبات وتنبيهه للحكومة لإيجاد حل جذري للمشكلة بإقامة مصانع لتدوير القمامة لا تكلف كثيرا جنب المليارات التي تهدر منذ تسع سنوات ، ومشاكل الانقطاع المستمر للكهرباء بسبب او دونه وإجراء لقاءات مباشرة مع المسؤولين عن القطاع والبحث عن الأسباب التي أدت الى هذا التدهور المريع في الخدمات المقدمة للمواطن ، اضافة الى قطع مياه النهر عن العاصمة من قبل بعض الخارجين عن القانون ، ودعوته للحكومة من اجل ايجاد حل جذري للمشكلة بإقامة محطات تحلية بدل من الوقوع تحت رحمة هذه الفئات الخارجة عن القانون .
ولا ننسي ان نشير الى الدور الكبير الذي يقوم به في مواجهة جائحة الكورونا عبر البرنامج واستضافته للأطباء والاختصاصيين الذين خاطبوا بشكل مباشر المواطنين وساهموا في توعيتهم بخطر هذا الوباء ولعل أبرز ضيوف الدكتور الرائع هاشم بالخير.
هذه هي حكايات عمكم الهادي حكايات تجمع ولا تفرق، تصلح ولا تخرب، تقرب ولا تبعد، تحل المشاكل ولا تعقد، تحية لنموذج إعلامي همه الوطن والمواطن.