ديمقراطية العنف !
بغض النظر عن الكيفية التي تؤول إليها حركة الاجتماعات التي قام بها أصحاب السترات الصفراء في فرنسا سواء بانتصار القائمين بها وفرض مطالبهم على الرئيس قبل الحكومة أو بفرض إرادة الدولة وفقاً لرؤيتها السياسية والتزاماتها مع الاتحاد الأوروبي إلاّ أن ما حدث يعكس حقيقة أوضاع المجتمعات الغربية التى تدعي أنها أكثر ديمقراطية وتحرراً عن سائر دول العالم .
أصحاب السترات الصفراء الذين شغلوا الرأي العام الفرنسي ولفتوا أنظار العالم أجمع هم يمثلون طبقة مسحوقة من فرنسا لها مطالب اجتماعية مشروعة تتمثل في تحسين أوضاعهم المعيشية وإعفائهم من وزر الضرائب المتلاحقة التى تفرض عليهم لكن يبدو أن المطالب قد تتحول إلى سياسية ولو كانت إسقاط الرئيس .
ما حدث في عاصمة الأنوار أكد أن هذه الأنوار قد تتحول إلى ظلام له انعكاساته السلبية المستقبلية على فرنسا كدولة تحاول أن يكون لها دور مهم في العالم خاصة وأن سياساتها كانت في الغالب لها استقلاليتها عن أمريكا وبعض دول الغرب الأخرى سواء في الشرق الأوسط أو في اليمن وحتى في طريقة التعامل مع روسيا وإيران !
لكن في كل الأحوال فإن فرنسا التي تنفق أموالاً طائلة على الاتحاد الأوروبي هي في حاجة إلى ترتيب البيت من الداخل وأن مواطنيها أولى بذلك وإلاّ فإن الإنذار الذي ظهر في حركة أصحاب السترات الصفراء قد يتوسع ليشمل كل الفئات المسحوقة في فرنسا ولا أظن أن أسلوب العنف الذي تعاملت به معهم سينهي المشكلة وربما يقود إلى وضع تصعب معه السيطرة وسيهزّ كيان الدولة التي ظلت دائماً تدعي الديمقراطية وحرصها على حقوق الإنسان !!
عامر جمعة