بإختصار ..
من ذا الذي سيوقف الأوقاف ؟ ومن أيقظها من سباتها العميق ؟ وجعلها تتذكر بعد سنين أن على مركز الدراسات والمخطوطات التاريخية ( مركز جهاد الليبيين ضد الغزو الإيطالي ) الكائن في مدينة طرابلس وتحديداً في شارع سيدي البهلول ايجارات متراكمة منذ سنوات عدة وتلجأ إلى مطالبة المركز بالإخلاء والخروج من المقر ونقل محتوياته الى مكان اخر لتتولي الهيئة استثماره ؟
هل يدرك مسؤولو الاوقاف ان هذا المركز هو عبارة عن ذاكرة امة وتاريخ للوطن خلال حقب تاريخية متنوعة ومتعددة ؟ وأنه يضم أكثر من 24 مليون وثيقة ومخطوطة تاريخية، علاوة على الآف المطبوعات القديمة والحديثة وعشرات الدوريات والكتب ، ويعد من اهم المصادر للباحثين والمهتمين بالتاريخ ؟ وأنه من العبث ان يتم التعامل معه كما تتعامل الهيئة مع باقي مستأجري املاكها سواء كانت محال تجارية او عقارات سكنية او إدارية ؟
ألم يبق امام الهيئة من شاغل يشغلها الا المركز و مطالبته بالخروج من مقره الحالي وخلال ثلاثة أيام ؟ هل يدرك الذين وجهوا هذا الطلب انهم بهذا يرتكبون خطأ فادحا وجسيما يهدد بضياع ملايين الوثائق التاريخية التي جمعت خلال عشرات السنين مشكلةً ذاكرة حية لتاريخ بلادنا ، وان المركز تمكن ان يظل حارسا لتاريخ ليبيا رغم محاولات التشويه والضغوط التي تعرض لها ، مبتعدا عن التجاذبات السياسية ومحاولات البعض لتسييس نشاطه ! وفِي هذه المسألة للعاملين بالمركز ما يقولون !
تمنينا أن تلتفت الهيئة الى ممارسة دورها في متابعة بيوت الله والقائمين عليها ، وكذلك مواجهة الذين يستغلون دور العبادة في نشر الأفكار المضللة ، وان تعمل على ان تمارس المساجد دورا توعويا وارشاديا وتضامنيا في المجتمع ، بدلا من ان تركز في النشاط الاستثماري ، صحيح ان الاوقاف ملزمة بمتابعة الاملاك التي وهبت للوقف ، ولكن ألم يكن الاجدي بالهيئة اذا كانت حريصة على اموالها أن تعمل على إعادة حصر وتقييم ممتلكاتها التي نهبت وبيع بعضا منها بأثمان بخسة طوال عقود ؟ أليس من الضروري أن تطالب بزيادة قيم ايجارات المحال التجارية التابعة لها والمؤجرة من قبل تجار يكسبون الآلاف مقابل مبالغ لا تذكر ؟
لتسعي الاوقاف الى زيادة إيراداتها كيفما تشاء ولكن لتبتعد عن المركز وتتركه يمارس مهمته التي إتمنه عليها الليبيون ، تاريخنا غير قابل للمساومة .
لابد ان ندرك ان مطالبة الاوقاف للمركز بالخروج من مقره الحالي هو طلب ابعد من ان يكون طلبا اداريا ، لانه كان بالإمكان حله عن طريق مراسلات ادارية مع الجهات الادارية في الدولة ، والإ لما تداعي هذا الجمع من المثقفين والوطنيين الشرفاء مطالبين بإنقاذ المركز و وضع حل جذري للامر ، بعد أن إستشعروا بخطورة ذلك على الوطن ؟ نسأل الله الأ تكون هناك اياد خفية تسعي لإخفاء وإتلاف ذاكرة بلادنا ؟ كما اتلفت وبيعت الآف الوثائق الهامة لعديد الدول ؟
على الهيئة العامة للثقافة إنطلاقا من دورها الاعلامي والثقافي ان تتصدي لهذا الامر وتتولي معالجته مع الاوقاف واذا لم يكن ذلك ممكنا ، ليتدخل المجلس الرئاسي ويضع حدا لذلك ويوقف الاوقاف ويحافظ على ذاكرة الامة .