نبض الشارع
■ إدريس أبوالقاسم
ريادة الأعمال تعاني طرح الأحمال !!
خلال المرات المحدودة التي أتيحت لي لحضور ورشة عمل أو ندوة حول ريادة الأعمال والمشروعات الصغرى والمتوسطة ، تتركز المطالبات حول التغطية المالية لمن لديهم الرغبة في ولوج هذه التجربة ، وهو مطلب أساسي وملح طالما كانت فكرة المشروع تتوفر على مفردات نجاحها وجدواها الاقتصادية والاجتماعية ، إلا أن هذا المطلب يجنح دائما باتجاه الإفراط والمبالغة في القيمة اللازمة للنهوض بالمشروع ، وفي الغالب تتركز مفردات المشروع في شكل ومحتوى المكان ، وهو مايعبر تلقائيا عن نظرة تجارية صرفة تلجأ لوسائل الجذب أكثر من تركيزها على جديد وجودة المنتج أو الخدمة التي يتيحها المشروع .
هذه النظرة تضع تكاليف المشروع في مرتبة فلكية قياسا بما بحجمه وجدواه ، الأمر الذي يؤدي في الغالب إلى الفشل جراء ارتفاع التكاليف وكبر الوعاء الزمني لاستردادها .
ونتيجة لغياب التبسيط والتحفيز للراغبين في العمل لحساب انفسهم باستثمار ما تلقوه من علوم أو تجربة عملية في مجال ما ، يهاب الشباب طرق باب التجربة ، مع أنها تمثل حلم من احلامهم . لذلك نجد المحصلة تكاد تكون صفرية ، متناقضة تماما مع ما ينبغي أن تفرزه مخرجات التعليم من أفكار وقناعات جديدة تنسف القاعدة العتيقة في التفكير، والتي تضع الوظيفة العامة في المقام الأول .
إن التشجيع والتحفيز عبر المسابقات الدورية ذات الجوائز المجزية ، والترويج والتغطية الإعلامية اللازمة للمشاريع الوليدة ، وتسهيل المشاركة في المسابقات الدولية ، يشجع الآخرين على خوض التجربة ويخلق مناخا منفتحا على رؤى جديدة فاعلة تحتاجها منظومة اقتصادنا الوطني التي تعاني خللا كبيرا .
لابد من فتح الأبواب ، وتقريب المسافات بين الأفكار والعقول ، واستثمار المال لتحقيق الآمال عبر جيل جديد منتج له أهداف وتطلعات تليق باستحقاقات العصر . هذه الخطوة آن لها أن ترى النور وتأخذ حقها في الظهور ، حتى لا تبقى ريادة الأعمال تعاني هي الأخرى من طرح الأحمال ، على الرغم من أهميتها في تغيير سكة الاقتصاد الذي يلقى اهتمام رجال الأعمال إلا من بوابة التجارة !!
وهنا لا ننسى أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة ، وإن مشاريعا عملاقة الآن كانت بداياتها بسيطة جدا ، لم ترتكز على الشكل بقدر ما كان التركيز على المضمون ، فكبرت مع الوقت بفعل الإرادة الخلاقة ، وتوفر المناخ الملائم للاستمرار والنجاح .
والشواهد على أن الإرادة الفردية في وجود الدعم والمساندة لنجاح أي مشروع كثيرة ، نجدها في قصة نجاح مؤسس مايكروسوفت ” بيل غيتس ” ومخترع الفيس بوك ” مارك زوكربيرج ” ، و ” هنري فورد ” صاحب ومؤسس شركة فورد للسيارات الذي قام بالبدء في تجاربه الأولى على السيارات في مستودع صديق له في ولاية ديترويت الأمريكية .
و” والت ديزني ” الذي بدأ رسوماته الكاريكاتورية في مستودع بيت عمه، وهو نفس المكان الذي بدأ فيه تصوير أفلامه الكرتونية .
كذلك ” ستيف جوبز” و” ستيفــــين وزيـــناك ” الذين بـدآ العمل، وأنشآ شركة أبل الأشهر عالميًا في مجال الكمبيوتر في مستودع .