سليمة وخديجة بنات الجدي …
فتح الله الجدى
وقيل بأنه لم يكن على وجه الأرض أقرب للمهدي الجدي من أختيه وخاصة خديجة رحمها الله فما كان يستطيب عزومة لضيف مالم تكن خديجة قائمة على إعداد الوليمة وكان ينتظر مقدمها عليه كمقدم أمه ويودعها كما يودع أمه …
ومن عرف الشيخ المهدي الجدي عرف فيه خصال الفرسان والنبلاء وعرف قوة الشخصية وجبروت العزم ومضاء العزيمة ورغم وجاهته وصفاته ولكن الناس عرفوا مكمن ونقطة ضعفه وهو تعلقه بأختيه فكانت خديجة واسطة للناس كما كانت في أحيان أخرى واسطته للناس.
ويحكي أنه – وهو العصبي المزاج – أن نار غضبه لا تطفأ حتى تأتي خديجة من بيت زوجها وتقطع الوادي فلك أن تتخيل وقتا يذهب فيه رسول البلاغ ووقتا تحتاجه تلك السيدة لتأتي لبيت ذلك الأخ المحب لأخته والتي تهدهد فارسا خاض غمار الحروب وخبر عزف الرصاص وواجه الموت بشجاعة وتهور… تهدهده كطفل ينساب من غضبه نحو نوم العوافي…
خديجة وسليمة الحكمة وفن التعامل وتربية الانفة عن الصغائر …قالتا ذات يوم عندما بلغهما همز الولايا في أبيهما على الرحى:
احنا سيدنا بي في حصار*
فارس نزل من سرية
صيته مثيل كعبار
وأنتي غير تكذبي ياولية
كانت تلك الأغنية على الرحى في مناسبة اجتماعية ردا راقيا دون ( تشعميش ) ولا إخبار الرجال بمسائل عراكات النسوان.
كانتا أيقونة للمحبة والأخوة البعيدة عن التأثر بمناخات الحساسية والتجرد من ثوابت التربية التي منها عدم النزول لصغائر الأمور والتدني لمستوى منحط لبعض الناس.
نحن نفخر ( بعجائزنا ) .
* حصار : الحصن باللغة العثمانية.