نبض الشارع
شفرة النقال تهزم الرقم الوطني !!
إدريس بلقاسم
ما من اختلاف على أن متوالية الأخطاء تتناسخ تلقائيا طالما بني العمل على أساس خاطئ ، وبلا مبالغة ، حين نرى هذا الكم من الأخطاء والعثرات التي تواجه المواطن في حياته اليومية ، نجد سوء الإدارة يقف وراء كل هذه الأزمات .
ويتعاظم هذا السوء في الأداء الإداري حين يغيب التوافق والتنسيق بين القطاعات العامة التي تربط مهامها قواسم مشتركة ، فليس ببعيد عن الذاكرة ذاك الارتباك الذي حصل قبيل عيد الأضحى قبل الماضي ، عندما أعلنت وزارة الاقتصاد عن الشروع في منح الموافقات لفتح اعتمادات بالسعر الرسمي للنقد الأجنبي للشركات الراغبة في توريد أضاح للعيد من الخارج ، وبعد هذه الخطوة ، تلكأ المصرف المركزي في إتمام العمليات الخاصة بتلك الاعتمادات ، وصاحب هذا التلكؤ أخذ ورد من ديوان المحاسبة نجم عن عمليات التدقيق في إجراءات تلك الاعتمادات ، فكانت النتيجة أن أغلب المواشي التي تم توريدها وصلت إلى الموانئ في وقت متأخر جدا ، وهو ما تسبب في حرمان أغلب المواطنين أضاحيهم التي حجزوها عبر المنظومة التي خصصتها وزارة الاقتصاد لهذا الغرض ، واضطروا لشراء أضاح من أسواق الماشية بأسعار مبالغ فيها ، وعقب مضي أيام العيد ذهبت تلك الأضاحي التي حسبت على ذمة المواطنين وفق القوائم المحالة لوزارة الاقتصاد من الشركات الموردة إلى القصابين عبر سماسرة اللحوم ، وكانت خلاصة هذا التخبط وغياب التنسيق المبكر استفادة مادية مضاعفة للشركات الموردة على حساب المواطن .
هذه الحادثة لم تكن الأولى ولم تكن الأخيرة للأداء الباهت بمعظم القطاعات الخدمية ، فآخر هذه الشواهد على هذا التخبط ، ما ظهر به المصرف المركزي من طلب غريب عجيب لا يتحقق حصول أرباب الأسر على مخصصات النقد الأجنبي إلا به ، ألا وهو ضرورة أن تكون شفرات هواتف أرباب الأسر المستخدمة في عمليات الصرف السابقة مقيدة بأسمائهم ومقترنة بأرقامهم الوطنية !! .
هذا الطلب بغض النظر عن أهميته من عدمها للحد من عمليات التزوير والتلاعب في مخصصات أرباب الأسر ، كان من المفترض أن يتم طلب تنفيذه منذ عدة أشهر مضت ، وليس في وقت لم يبق منه سوى القليل للحصول على هذه المخصصات في وقتها .
وفي الوقت الذي يتسأل فيه المواطن عن جدوى هذا الإجراء ومدى أهميته ، يقف عاجزا عن معرفة أيهما أقوى – شفرة الهاتف النقال أم الرقم الوطني – لإثبات الوجود الفعلي لأرباب الأسر من عدمه . ولسان حاله يقول .. ألا يكفيكم ” حرق أعصابنا ” بطوابير البنزين ، وطوابير المصارف ، لتزيدونا هما على هم بطوابير ليبيانا والمدار ؟ .