للتذكير جيل الخمسينات وانا أحدهم كانت الدولة حديثة العهد وتفتقر للمقومات ، والمجتمع يعاني متلازمة الفقر والجهل والمرض ، عدد المدارس شحيح بالمدن ومنعدم بالكثير من القرى والأرياف ، وأتذكر الأساتذة الاجلاء الأفاضل المعلمين وزملائنا ونحن كيف كانت معاناة الوصول للمدارس مشي على الأقدام لمسافات طويلة وطرق صعبة ، أو على الدواب أو بعربات تجرها الدواب لنقل أعداد أكثر ، وكان التعليم له هيبة وقيمة عالية نبيلة ، وللمدرس قدر كبير في المجتمع لا يساويه أحد ، وشريك الأب والأسرة في التربية ، وأسم الوزارة ( التربية والتعليم ) وللظروف التي مرت بها البلاد لقلة الفصول وندرة المدرسين تكدست الفصول بكل ما هو متاح ومقبول ، ولا مجال أن يكون أحد من الراغبين مرفوض ، والتغذية المدرسية متوفرة وكذلك الكتب والأدوات والحقائب ، وللبعض حتى الملابس ، ونظرًا لقسوة الحياة بعضنا بالابتدائية اكتفى ، وفُتحت مجالات للعديد بها ، وانتقلنا للاعدادية ينقصنا بعض الأقران ، والمرحلة الإعدادية ظروفها أصعب في المدارس والمناهج والمعلمين ، وكان لمصر دور عظيم ، ونهجت الدولة التعليم الإلزامي للمراحل الاساسية وقابله رغبة جامحة إجتماعية،
وكانت المناهج قوية المحتوى وأضيفت اللغات الإنجليزية بالمراحل الإعدادية وزادت عليها الفرنسية بالمرحلة الثانوية مع التركيز على المكتبات العامة والأنشطة المختلفة الرياضية والثقافية والعلمية بالمدارس وخارجها ، وظهرت مواهب كثيرة في مجالات متعددة ، والشهادة الإعدادية كانت مرحلة مفصلية مهمة لدى أغلب الطلاب ، جلهم اتجهوا لمعاهد التعليم العام والخاص وللمعاهد المتخصصة في الهندسة والمساحة والمحاسبة والتجارة والمعاهد الفنية ، وكانت تلك المعاهد هي المورد الأساسي والخزان للوظائف لجميع الإدارات الوسطى الذين قامت عليهم إدارة شؤون البلاد ، ولنهاية منتصف السبعينات كانت المدارس الثانوية قليلة جدا وتُعد على أصابع اليدين في كل البلاد ، وفي المنطقة الغربية كانت لمدارس طرابلس ومصراته والزاوية دور عظيم في تعليم أجيال من اجدابيا شرقًا الى رأس جدير غربًا والى الحدود الجنوبية والتحقت بهم قصر بن غشير وغريان ومثلهم كانت بنغازي ودرنة في الشرق والجنوب الليبي ، وطلاب تلك المدارس جلهم اتجهوا للدراسة الجامعية بفروعها المختلفة بدء من كلية المعلمين العليا التي أصبحت التربية وكليات العلوم والهندسة في طرابلس وكانت الحقوق والاداب والاقتصاد والتجارة والطب في بنغازي ، واتجه من أراد إلى كل دول ألعالم المتاحة على نفقة الدولة أو على النفقة الخاصة ، وقبل هذه المرحلة أبتعثت الدولة في الستينات اعداد من الطلبة للدراسة في مصر والعراق وامريكا وبعض الدول الاوروبية ، ومع النصف الأخير من السبعينات عمت المدارس الجديدة بجميع المراحل الدراسية كل البلاد ، وزاد التوسع فيها وفي المعاهد وفي استجلاب المعلمين ، وتوسعت الجامعات ببنغازي وطرابلس وسبها وبعض المحافظات حينها إلى أن عمت كل المدن والقرى في السنوات الاخيرة ، وكان هذا أحد العيوب ، وأنعكست التوجهات السياسية والاقتصادية والادارية على المسيرة التعليمية وتدنت مخرجات التعليم للتغيير في المناهج بما لا يتواكب مع التطور العلمي والاجتماعي ومتطلبات التنمية ، وتكدس التعليم بأعداد كبيرة من الموظفين والمعلمين الذين تنقصهم مهارات التدريس والاتصال ، وفقدت المنظومة التعليمية خصائصها التربوية والغيت اللغات الأجنبية ، وقل الاهتمام بالأنشطة الموازية للتعليم ، وشيئا فشيئا بداء العد التنازلي في إنهيار البنية التحتية ، وضاعت القيم الانسانية النبيلة في الرسالة التعليمية السامية ، وحدثت تغييرات جذرية في السلوكيات التي أنتجت الغش والتزوير وسلطة النفوذ والواسطه والدروس الخصوصية ، وشراء الشهادات ، والاتجاه للمدارس الخاصة بدوافع مختلفة لا تخدم العملية التعليمية لشعب لازال في طور التنمية وعجلة التطور تتسارع ،
والآن الأوضاع أكثر سوء ، ومستقبل البلاد والأجيال التنموي مهدد ، والحلول العشوائية والارتجالية تُفاقم من الأزمات ، والبلاد تمر بتحديات كبيرة وصعبة سياسية واقتصادية واجتماعية في ظل مخرجات التعليم السيئة والاقتصاد الاستهلاكي المدمر ، وتنامي الأنشطة الغير مشروعة ، وتضارب المصالح بالجمع بين العام والخاص ، والخير مع الشر ، والحرام بالحلال وأصبح كل من يمتهن مهنة لا علاقة له بها ، ومن لا يعلم يدير في من يعلم ، وانهار التعليم والصحة وتبخرت الحماية الاجتماعية ، وطغى طموح الثراء السريع الغير مشروع والتميز الطبقي الوضيع ، وصار لا وزن للعلم والمعرفة والقيم ، ولا معنى للشهادات الحقيقية المعتمدة ..
ولهذا على المجتمع والمسؤولين والنخب من أهل العلم والمعرفة والتجربة والحكمة أن يتخدوا إجراءات صارمة لإيقاف هذا العبث والبدء في الإصلاح التعليمي والصحي والاقتصادي والاجتماعي ، والمجتمع اول من يتنادى ويبادر ، ويحتاج ان يرى نماذج إصلاحية حقيقية في تطوير بنية التعليم مباني ومناهج وامكانيات وطرق واساليب تدريس حديثة ، والرفع من كفاءة المعلمين ببرامج التجسير والتطوير والتأهيل في الداخل والخارج ، وكذلك في الصحة التي اصبحت هي الداء الأكثر فتكا بالمرضى والاصحاء ، والاقتصاد الذي يجب أن يكون المعرفي والإنتاجي والتنموي ، وتكون واقعة ملموسة معاشة شبكات الحماية الاجتماعية الصلبة التي تحافظ على حياة وكرامة الفرد والمجتمع وأجياله القادمة ،
أجيالنا خرجت من رحم المعاناة وحققت مؤشرات تنموية إيجابية عالية ، والأجيال الجديدة لهم حق علينا وعلى من بعدنا أن نترك فيهم ما يجعلهم في إستقرار ونماء وازدهار ورخاء وصحة وعافية ورفاه وأمن وأمان وعدل ، وعدالة ومساواة إجتماعية، وقيم ومبادئ نبيلة نابعة من الهوية الليبية العربية الإسلامية ..
يسرني وبكل فخر أن أتقدم بأصدق آيات التهاني والتبريكات لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية المغربية بمناسبة…
د.علي المبروك أبوقرينقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 ديسيمبر 2007 على أن يكون 14…
في حلقة جديدة من برنامج كلام الناس 22 سلطت الضوء على أسباب سيطرة المنتجات المستوردة…
د.علي المبروك أبوقرين في نهاية الأربعينات وقبل إستقلال البلاد بمدة بسيطة , وفي ضواحى طرابلس…
د.علي المبروك أبوقرين الأعداء المتربصين بالوطن لهم أهدافهم الواضحة ، ويسعوا جاهدين لتحقيقها ، مستخدمين…
د.علي المبروك أبوقرين الخدمات الصحية تتوفر من خلال نظام صحي فعال ، ومتماسك ومتكامل وموحد…