في نهاية الأربعينات وقبل إستقلال البلاد بمدة بسيطة , وفي ضواحى طرابلس كما هي طرابلس مستعمرات إستيطانية إيطالية ، وتحت سلطة الإدارة البريطانية ، وكان فاكانيتي الايطالي يملك بحكم الاستيطان أراضي زراعية شاسعة في ضواحي طرابلس مثله مثل العديد من الايطاليين الذين يستوطنون معظم الأراضي الزراعية في ليبيا ، ويجاوره كرمي وامبيليو والكونتي وغيرهم من أبناء جلدتهم ودينهم ، منهم من كان عنده رفق بالفلاحين والعمال ويتفقد أحوالهم ، ومنهم من كان غير ذلك قلوبهم قاسية ويتعاملون مع العمال بغلظة وغطرسة وبدون رحمة ، والظروف كانت صعبة وقاسية على الليبين ، وفاكانيتي وأبنه فريدو كانوا من أصحاب القلوب اللينة ومتسامحين مع العمال ، وفي العادة يسكنون العمال والفلاحين في بيوت من القش أو الصفيح أو الشعر على أطراف مزارع الايطاليين ، ومعظمهم يفضلون أن يكونوا متقاربين من بعض ، ويتخدوا شجر السدر بينهم ساتر ، وواقي من التغيرات الجوية ، ومناشر لملابسهم ، ومغذية ثمارها على صغر حجمها ..
وفي يوم من الأيام إكتشف فاكانيتي أن علي أحد الفلاحين الأكثر إلتزام ويتميز بالخبرة والمهارة في العمل غائب لعدة أيام ، فقرر زيارته للاطمئنان عليه وذهب إليه بعربته التي يجرها حصان ( الكاليس بالايطالى) حيث يقيم مع باقي الفلاحين ، ووجده مريض طلب منه الراحة إلى أن يأتيه في الغد مصحوب بطبيب لإجراء الكشف الطبي وعلاجه ، فخاف علي لأن في تلك الفترة كثرت الأمراض والاشاعات وإن من يذهبوا به للمستشفى بطرابلس يموت ولن يعود ، فقرر علي الهروب عند أحد جيرانه الذي يبعد عنه سدرتين أو أكثر ، وحضر في اليوم التاني فاكانيتي ومعه الطبيب ولم يجدوا علي في مسكنه وسألوا عنه ، ابلغوهم أنه عند جاره خائف من الطبيب ، وقرروا الذهاب إليه حيث هو ، ولكن الطبيب سمع أنين وكحة في بيت علي فدخلوا حيث الصوت وجدوا زوجتة في حالة أكثر سوء منه ، اجرى لها الطبيب الكشف وأعطاها الدواء واخذ منها عينات دم وبلغم ، وذهبوا لزوجها علي حيث يختبي واخذوا منه عينات للتحاليل وفي اليوم التاني حضرت سيارة اسعاف واخذت علي وزوجته لمستشفى كانيفا بطرابلس ، وحضرت معهم مجموعة كبيرة من الأطباء والمسعفين والسوريلات ( راهبات يمتهن التمريض بحرفية وتأهيل عالي ) ومعهم عربات كبيرة مختلفة ومجهزة ، وعلى عجل متعقل نصبوا خيام كبيرة مقسمة داخلها وبها عدة طاولات رخامية لتطهير الناس بالمياه الساخنة والباردة ، وجمعوا النساء والأطفال في واحدة ، والرجال في الاخرى تجاورهم معدات مجرورة احداها للمياه الساخنة والاخرى للبادرة ومعدات لغسيل الملابس السريع ، وأخرى للتجفيف ، وطلبوا من الجميع خلع الملابس وقاموا بغسلها وتطهيرها وتجفيفها ، وبعد استحمامهم جميعًا بالمياه الساخنة والباردة ارتدوا ملابسهم ، وفي نفس الوقت مجموعة أخرى بمعدات للرش بالمطهرات قامت بتطهير وتعقيم كل البيوت خارجها وداخلها ، وفي يوم كامل قاموا بواجبهم واستكملوا مهمتهم ،وطلبوا منهم على كل من تظهر عليه اي اعراض مرضية يبلغوا فاكانيتي أو أبنه أو الكبران ( رئيس العمال ومراقبهم وهو من بني جلدتهم وغالبا يكون أكثر قسوة من المستوطن ) وأيام قليلة واتخذت السلطات الحاكمة حينها انجليز وايطاليين تدابير صحية ، وارسلوا سيارات لنقل كل السكان لمنطقة مجاورة تبعد مسافة عشرة كيلومترات جُهزت لإعطاء التلاقيح لكل الناس ، وتمت عملية التحصين للجميع بترتيبات لوجستية ومهنية صحية منظمة ، وأعادوا السكان لمنازلهم ، وعادت الثقة وزال الخوف من المرض اللعين الذي قضى على بعض من أقاربهم ، ولولا زيارة فاكانيتي لعلي الفلاح الذي افتقده لغيابه عدة أيام لأستشرى المرض في الناس ولكانت النتيجة كارثية وقضى على الكثير من الأرواح ، ولكن فطنة صاحب العمل وحرص الجهات المسؤولة واستعدادها التام للتعامل مع التحديات الصحية حينها ، أستطاع الجميع ان يقوم بدوره لحماية الناس وحماية أنفسهم حتى وان كانوا مستعمرين ومحتلين الوطن ، وبعد 70 عام تعيش البلاد وباء الكورونا وكانت تجربة سيئة جدا ، اعلى انفاق على الكوفيد 19 بالمقارنة ، واسواء مخرجات ، ونفس الخوف تكرر ، بعد أن كانت البلاد من الدول المتقدمة في الطب الوقائي وتعتبر من البلدان القلائل التي تتمتع ببرامج تحصين وتمنيع متكاملة لجميع فئات المجتمع ، ومنضبطة في مواعيدها وأماكنها المخصصة والمجهزة ، وكوادرها المؤهلة ، وحققت لعقود مؤشرات صحية إيجابية عالية أسوة بالدول المتقدمة ، والمفروض الاستفادة من التجارب السيئة والناجحة ، وفي الدول المستقرة والتي تتمتع بنظم صحية قوية وفعالة ومتماسكة من البديهي ان الطب الوقائي جزء أصيل في منظومة الرعاية الصحية الأولية ومصاحب للطب الاستباقي ، ويكون النظام الصحي أكثر استعدادًا واستجابة للتعامل مع الظروف الصحية ، والعالم الآن يعيش عصر الأوبئة والأمراض المعدية ومع سرعة حركة الناس بين الدول والقارات أصبحت الأمراض المعدية والاوبئة تنتشر أسرع وزادتها الصراعات والحروب التي يتلازم معها أنتشار الاوبئة ، والتي تستوجب ديمومة العمل المتكامل ببرامج الطب الوقائي والتحصين بديناميكية مستمرة متطورة ، مسبوقة ومصاحبة ببرامج توعوية وإعلامية مكثفة ، تصل لكل الناس بجميع الوسائط والوسائل ، وخطوط إتصال ساخنة سريعة الاستجابة ، صريحة الردود ، تطمن الناس وتبدد المخاوف ، وتزرع الثقة وتؤكد الحقيقة بأن اللقاحات الآمنة هي الوسيلة الوحيدة للحماية من عدة أمراض صعبة ، وان بالتلقيح الفرد يحمي نفسه وغيره ، وهذا يحتاج لنظام صحي موحد وقوي وفعال ، وكوادر مؤهلة تأهيل عالي ، ومرافق مجهزة وحلقات باردة مؤمنة ومخازن ووسائل نقل مطابقة للمواصفات والمقاييس والمعايير ، ولقاحات متوفرة باستمرار لا يوم ولا ساعة فاقدة ، ومن مصادر عالمية اساسية وأصلية تصنيع ومنشأ وتوريد مباشر منها ولا من غيرها ، ( سلسلة إمداد مغلقة مأمونة ) ..
ونحتاج اهتمام فاكانيتي وحرص المسؤولين على صحة وحياة الناس .
إن اللقاحات نجاة من امراض قاتلة او مسببة لإعاقات للناس صعبة ..
يسرني وبكل فخر أن أتقدم بأصدق آيات التهاني والتبريكات لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية المغربية بمناسبة…
د.علي المبروك أبوقرين للتذكير جيل الخمسينات وانا أحدهم كانت الدولة حديثة العهد وتفتقر للمقومات ،…
د.علي المبروك أبوقرينقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 ديسيمبر 2007 على أن يكون 14…
في حلقة جديدة من برنامج كلام الناس 22 سلطت الضوء على أسباب سيطرة المنتجات المستوردة…
د.علي المبروك أبوقرين الأعداء المتربصين بالوطن لهم أهدافهم الواضحة ، ويسعوا جاهدين لتحقيقها ، مستخدمين…
د.علي المبروك أبوقرين الخدمات الصحية تتوفر من خلال نظام صحي فعال ، ومتماسك ومتكامل وموحد…