
نبض الشارع
فوضى الاستيراد تستنزف الإيراد !!
السوق الليبي المتخم بكل أصناف السلع ، من فئة الدرجة ، الأولى ، والثانية ، والثالثة ، وحتى العاشرة ، بات لابد له من وقفة رقابية ، فهذه السلع خاصة الكهرومنزلية ، بعضها لا يعمل ولو للحظات بسيطة ، حيث لا مفاجأة حين ينفجر مصباحا كهربائيا بين يديك عند تركيبه ، وله ألف شكر لو صمد لأيام أو حتى ساعات ، ولا تستغرب عندما تفوح رائحة ” الشياط ” من قلب خلاط الفواكه الذي اشتريته للتو ، أو حين تتسبب قطعة ما بمحرك سيارتك في خسارة لا طاقة لك بها ، هذه الحالات ليست ” نكتة ” أو هي مجرد تخاريف ، بل هي حقيقة واقعة تحدث يوميا للكثير منا .
ما يحدث الآن بالسوق الليبي مرده لفوضى الاستيراد ، وانفتاح هذا السوق على كل الأسواق العالمية بما فيها تلك التي لازالت في المهد .
الجهات المعنية تريد الوفرة في السلع ، وتريد الحفاظ على العرض أكبر من الطلب ، مثلما تريد توفير المرونة في القدرة الشرائية لكافة المستويات ، وهذا شيء جيد .
لكن غياب الرقابة اللازمة على الحد الأدنى من الجودة ، قلب الكأس وهرب بالغاية النبيلة إلى متاهة الخسارة المستترة ، أي تلك التي قال عنها أسلافنا ” الرخيص بخيس ” .
هذا الرخيص ” البخيس ” يستنزف تراكميا من المجاميع على مدار الوقت أموالا طائلة تفوق حجم الإنفاق المماثل فيما لو كانت السلع المتداولة بالسوق من نوع جيد تتوفر له خدمة ما بعد البيع ، وضمان الجودة من الشركة المصنعة ، وتوفير قطع الغيار لهذه السلع بمراكز الصيانة العارضة والدورية .
هذه المقومات لن تتوفر إلا متى كان لهذه السلعة أو تلك وكيلا أو موزعا معتمدا ، مع رقابة فاعلة على جودة الواردات ومصادرها .
إن السوق الليبي بالقدر الذي تريد له الجهات المعنية بالشأن الاقتصادي أن يظل متخما بالسلع التي نريد وحتى تلك التي لا نريد ، لابد أن يستقيم حال هذا العرض بسن اشتراطات الجودة اللازمة والمصدر الموثوق ، وبالتشجيع اللازم للصناعة الوطنية بحزمة إجراءات حمائية توفر لها المناخ اللازم لإنعاشها حتى يتحقق التوازن بين الواردات والصناعة المحلية ، مع تفادي أي تأثيرات سلبية على المستهلك جراء هذا التوجه .
لا مبالغة في أن مئات الآلاف من الدنانير ، وربما الملايين تهدر كل عام على سلع متدنية الجودة ، لذا ليس عبثا أو تجن إذا ما منع استيراد السلع المعمرة المرتفعة الثمن نسبيا ، من غير الأسواق العالمية المعروفة ، حتى لا نواصل رمي نقودنا في مستودعات الخردة و” الروبا فيكيا ” .
إدريس أبوالقاسم