في ظل الحاجة لقانون رادع لظاهرة السحر والسحرة والمشعوذين
حمزة الأخضر
عضو هيئة قضائية وناشط حقوقي
لابد من استحداث طرق وإجراءات قانونية دقيقة تكشف السحرة وتثبت جرمهم
كثيرا مانسمع هنا وهناك في الشارع أو في مواقع عملنا أو داخل بيوتنا أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن قيام جهات أمنية بإلقاء القبض على ساحر أو ساحرة في أماكن مختلفة سواء هو أو هي أثناء القيام بالجرم في أحد المقابر أو أوقع به عن طريق كمين، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه لماذا ظاهرة السحرة والمشعوذين مازالت منتشرة، ولماذا؟ رغم كل عمليات القبض والمكافحة فهي مازالت موجودة!!.
بماذا يعاقب الجناة|، وهل العقوبة رادعة حول هذا الأمر؟.
في هذا الموضوع يقدم لنا الأستاذ حمزة الأخضر إدراج مهم وتوضيح لمواد القانون وتوصية بمقترح لتحديث مواد القانون المتعلقة بالسحر والسحرة.
عقوبة الساحر في القانون الليبي
نسمع هذه الأيام عن كثرة السِحر والشعوذة ، واتهام الناس بعضهم بعضا (بدليل وبدون دليل) إلى درجة الفرقة والشتات بين الأهل والأقارب والأزواج مما يدل على أن شياطين الإنس والجن (والعياذ بالله) أنهت مهمتها في التفريق والفتنة بنجاح .
فبعض السحرة تم ضبطهم والتحقيق معهم ويستحقون أشد العقاب ، وبعض الناس من المظلومين الأبرياء ، وبعضهم من المشتبه بهم إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا فيظهر الحقيقة.
يتساءل كثيرون عن عقوبة الساحر
لا شك أن السحر والشعوذة محرم شرعا، وبالتالي فإن أغلب فقهاء الشريعة الإسلامية يرون بقتل الساحر بشروط معينة و اختلف بعضهم في العقوبة المغلظة.
ما موقف القانون الليبي ؟
لم يتطرق القانون الليبي إلى عقوبة محددة وخاصة للسحرة والمشعوذين بخلاف عدد من الدول العربية التي حددت عقوبة مغلظة للساحر، وهي الإعدام ومن يتردد على السحرة عقوبته السجن ..
إلا أن هناك عدة نصوص متفرقة في قانون العقوبات والقوانين المكملة له تنص على عقوبة بسيطة لهذه الجريمة البشعة ..
فالمادة 461 عقوبات تتعلق بالنصب حيث تنص على أنه ( كل من حصل على نفع غير مشروع لنفسه أو للغير إضرارا بآخرين باستعمال طرق احتيالية أو بالتصرف في مال ثابت أو منقول ليس ملكا له ولا له حق التصرف فيه أو باتخاذ اسم كاذب أو اتخاذ صفة غير صحيحة يعاقب بالحبس و بغرامة لاتتجاوز 50 دينار ..
وتنص المادة 475 على أنه ( كل من تسول في محل عام أو مفتوح للجمهور بطريقة منفردة أو مزرية أو باختلاق مرض أو عاهة أو باستعمال الشعوذة يعاقب بالحبس لمدة لا تزيد عن ستة أشهر ).
وتنص المادة 355 على أنه ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة كل من ضلل الغير بانتحال شخصية أخرى لتحقيق منفعة لنفسه أو للغير أو لإلحاق ضرر بآخرين أو انتحل لنفسه أو لغيره اسما مزورا أو صفة كاذبة أو انتحل صفة تترتب عليها آثار قانونية …)
وتنص المادة 463 على أنه ” كل من انتهز فرصة احتياج شخص لم يبلغ 21 سنة أو ضعفه أو هوى في نفسه أو عدم خبرته أو استغل ضعفا أو مرضا في عقل شخص أو عيبا في نفسه وحمله على إجراء عمل قانوني من شأنه الإضرار بمصالحه بغية الحصول على نفع غير مشروع لنفسه أو للغير يعاقب بالحبس الذي لا يقل عن 3 أشهر” .
وينص القانون رقم 20 لسنة 2016 على أنه ” يعاقب بالإعدام حدا كل مسلم مكلف ارتد عن الإسلام بقول أو فعل .. وتسقط العقوبة بتوبة الجاني …”.
وكذلك قانون المشردين نص على عقوبة بسيطة لمن يمارس أعمال الشعوذة.
وعلى كل حال النص الأكثر استعمالا وتطبيقيا هو النص 461 عقوبات .. لمن يستعمل طرقا احتيالية لتحقيق منفعة له والإضرار.
ومن خلال النصوص السابقة يتضح الآتي .
1 – لم تحدد عقوبة خاصة ومناسبة للسحرة في القانون الليبي بل جاءت عقوبات غير دقيقة في نصوص عامة ومتفرقة.
2 – لا يسعف قانون المشردين والمشتبه بهم الصادر عام 1955 ..ولا القانون رقم 20 لسنة 2016 .
3 – العقوبة المحددة في بعض النصوص ليست كافية لردع السحرة مقارنة بآثارها المأساوية والخطيرة على حياة الناس وعلاقاتهم ..
لذلك نوجه هذه الرسالة إلى كل مؤسسات الدولة بضرورة إصدار قانون خاص لمعاقبة السحرة بمراعاة قواعد الشريعة الاسلامية تبدأ من الإعدام كحد أعلى إلى السجن الذي يصل إلى 15 سنة ، أو اعتماد ما جاء بمشروع قانون معاقبة السحرة والمشعوذين الصادر عن هيئة الأوقاف واللجنة المشكلة بالخصوص ..
ويتم إيجاد واستحداث طرق وإجراءات قانونية معينة ودقيقة لكشف السحرة وإثبات الأدلة ضدهم عن طريق خبراء، وربما أجهزة معينة حتى لا يتم ظلم الناس الأبرياء بشكوك وتخمينات وتوقعات ما أنزل الله بها من سلطان.
فمن ثبت يقينا أنه ساحر أو تعامل بالسحر أو تردد على السحرة والمشعوذين يجب أن يعاقب بغلظة ليكون عبرة لغيره .