تعتبر الرقابة على المطبوعات من المواضيع الجدلية في عدد من الدول، خصوصًا الدول التي تفرض الرقابة القبلية على النشر. وفي ليبيا تعتبر الرقابة على المطبوعات موضوعًا شائكًا، لأنها لا تجد سندًا قانونيًا بسبب ما جاء في المادة رقم (1) من قانون المطبوعات رقم 76 لسنة 1972، أن: الصحافة والطباعة حرة لكل شخص الحق في حرية التعبير عن رأيه وفي إذاعة الآراء والأنباء بمختلف الوسائل وفقا للحق الدستوري المنظم بهذا القانون وفي إطار مبادئ المجتمع وقيمه وأهدافه.
وفي المادة الثانية من نفس القانون:
لا يجوز فرض الرقابة على الصحف قبل نشرها، ويقصد بالرقابة في حكم هذه المادة الرقابة المتمثلة في شخص الرقيب الذي يتولى مهمة الرقابة نيابة عن إدارة المطبوعات أو أية جهة رقابة أخرى على الصحف قبل صدورها.
وأيضًا كون ليبيا من الدول التي وقعت على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي جاء في مادته رقم (19) :
لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود.
وحول هذا الموضوع صدر في العام 2016 كتاب بعنوان “الجذور التاريخية للرقابة على المطبوعات في ليبيا – دراسة تحليلية وصفية تفسيرية وتوثيقية مقارنة لقوانين المطبوعات ما بين 1864 – 1972″، للأستاذ الدكتور عابدين الدردير الشريف، أستاذ الإعلام بالجامعات الليبية، عن شركة الخبراء المتميزون للخدمات الإعلامية.
وقد ضم الكتاب 13 مبحثًا، وملحق لقوانين المطبوعات، من العهد العثماني حتى العام 1972.
ومما يميز هذا الكتاب أنه جمع سلسلة من التشريعات، بما تعرضت لها من تعديلات، كما سلط الضوء على مفهوم الرقابة وأقسامها، وأنواعها، وأشكالها، بالإضافة إلى جوانبها السلبية والإيجابية.
وفي جانب آخر تناول الكتاب حرية الرأي والتعبير، وحقوق الإنسان، كمبحث أول، إذ يضع الكتاب القارئ في صورة ما شهدته المنظومة الحقوقية الدولية من تطورات، وتغيرات، على مدى العقود الماضية. كما جمع الكاتب النصوص المبعثرة في المواثيق الدولية حول حرية الرأي والتعبير، وقدمها للقارئ في مرجع شامل.
في المبحث الثاني الذي عنون بالرقابة: مدخل تاريخي، يعود بنا الكاتب إلى العام 1485، حيث أسس في مدينة Mainz الألمانية أول مكتب للرقابة، وهي المدينة التي شهدت اختراع المطبعة على يد “يوهان جوتنبرغ”، ويذكر الكتاب أن رئيس الأساقفة “برتولدفون هنبرغ” قد أصدر سنة 1485 أي في عهد البابا إلكسندر السادس، فرمانًا يمنع طبع الكتب قبل تصديق السلطات الكنيسية عليها.
وبحسب المؤلف فإن قوانين حماية الصحافة كانت تسبقها قوانين حقوقية، إذ صدر في 26 أغسطس 1789 إبان الثورة الفرنسية، وثيقة حقوق الإنسان، وهي أول مشروع قانوني في العالم، يقر بحرية الصحافة، حيث نصت مادته الحادية عشرة على أن: “حرية إبلاغ الآراء من أغلى حقوق الإنسان، ولكل مواطن حق الكلام، والكتابة، والطباعة، بحرية، مقابل أن يتحمل مسؤولية الإفراط في ممارسة هذه الحرية، طبقًا لما هو محدد قانونًا”.
تلا ذلك قانون منع الرقابة على العمل الصحفي سنة 1881.
يرصد الكتاب أيضًا الجذور التاريخية للرقابة في الدول التي كانت تحت سيطرة الدولة العثمانية، وقد أرجعها الكاتب لمحاولة القضاء على أي نوع من الوعي القومي، قد تنتجه حركة النشر.
ويؤرخ الكتاب لأول ظهور للرقابة في ليبيا، حيث ذكر أنه في 12 مايو 1867 أعلن علي باشا فرامانًا خاصًا بالرقابة على المطبوعات، أي بعد عامين من ظهور الصحافة في ليبيا، والذي كان في عهد السلطان عبد العزيز.
وقد تناول الدكتور عابدين الشريف في كتابه، القانون الأشهر في مجال المطبوعات، وهو القانون رقم 76 لسنة 1972، والذي صدر بحسب الكاتب عما كان يعرف بمجلس قيادة الثورة في 17 يونيو 1972، لتنظيم المطبوعات، والعمل الصحفي في البلاد. وذكر الكاتب أن القانون قد عالج المضمون الإعلامي للصحف، والعقوبات المترتبة على مخالفة نصوصه، كما تناول ملكية المؤسسات الصحفية.
وغير كونه يوثق لأهم القوانين التي شهدتها ليبيا في مجال المطبوعات، فإن الكتاب يقدم معلومات دقيقة عما تعرضت له الصحافة في ليبيا بعد انقلاب 1969، إذ يشير أن الصحف تم تعطيلها في العام 1972 بعد الشروع في محاكمة 29 صحفيًا اتهموا بإفساد الرأي العام، خلال فترة حكم الملك إدريس السنوسي، ووفق هذه المحاكمة تم إيقاف جميع الصحف الخاصة، مثل الزمان، والرائد، والرقيب، والحرية، والحقيقة.
يعتبر كتاب الأستاذ الدكتور عابدين الدردير الشريف، الموسوم بالجذور التاريخية للرقابة على المطبوعات في ليبيا، مرجعًا مهمًا، كونه يوثق بشكل دقيق للمراحل التاريخية التي مرت بها قوانين المطبوعات، إضافة لكونه يضم عددًا من الوثائق المهمة، تؤرخ لكافة المحاولات التي شهدتها ليبيا في فترات تاريخية مختلفة، بما في ذلك المحاولات التي لم يكتب لها النجاح، مثل قرار وزير الثقافة والمجتمع المدني، رقم (934) لسنة 2013 بتشكيل لجنة عليا لدراسة وتعديل قانون المطبوعات، ومشروع قانون الصحافة والمطبوعات لسنة 2008، وهو المشروع الذي تبنته مؤسسة القذافي للأعمال الخيرية.
* أستاذ الإعلام بالجامعات الليبية
د.علي المبروك أبوقرين حدث في العقدين الأخيرين تطور متسارع في التقنية والتكنولوجيا الطبية مما أثر…
يسرني وبكل فخر أن أتقدم بأصدق آيات التهاني والتبريكات لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية المغربية بمناسبة…
د.علي المبروك أبوقرين للتذكير جيل الخمسينات وانا أحدهم كانت الدولة حديثة العهد وتفتقر للمقومات ،…
د.علي المبروك أبوقرينقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 ديسيمبر 2007 على أن يكون 14…
في حلقة جديدة من برنامج كلام الناس 22 سلطت الضوء على أسباب سيطرة المنتجات المستوردة…
د.علي المبروك أبوقرين في نهاية الأربعينات وقبل إستقلال البلاد بمدة بسيطة , وفي ضواحى طرابلس…