كتاب الرائ

القرارات النيئة.. آثار سيئة!!

إدريس أبوالقاسم

نبض الشارع

 عندما يفقد المواطن الثقة في قدرة الدولة على ضبط  الإيقاع العام للحياة اليومية ، تختل العلاقة بين الطرفين بشكل كبير ، الأمر الذي ادى بالمواطن. إلى اتخاذ خطوات غير محسوبة من بينها تخزين كميات كبيرة من السلع الغذائية على حساب معاشه الشهري ومدخراته إن وجدت ، هذا الأمر بدوره يدفع التجار إلي زيادة الأسعار جراء السحب الكبير للسلع من السوق ، وهو ما حدث مع بداية الخطوات التي اتخذتها الجهات المعنية  بمجابهة وباء كورونا .

هذه المشهدية تتكرر باستمرار ، ولعل ابرزها ظاهرة الازدحام التي تشهدها محطات التزود بالوقود بين الحين والآخر ، تارة بسبب الحديث عن رفع الدعم عن الوقود وتارة أخرى بسبب قفل الموانئ البحرية أمام حركة الملاحة الدولية ، أو بعدم مقدرة المؤسسة الوطنية للنفط على التغطية المالية جراء توقف تصدير النفط الخام ، وووووو ؟

هذا الخلل  في العلاقة بين الدولة والمواطن ، جعل كلاهما يغني على ليلاه ، فلا الدولة اهتمت بمعاناة المواطن جراء الانقطاع المتواصل والطويل للتيار الكهربائي الذي امتد سنوات بلا معالجة جادة ، ولا المواطن ترك فسحة من الأمل لعل الدولة ترأف بحاله ، ولذلك اتخذ أسلوب المعالجة الفردية للأزمات والمختنقات التي تعصف بحياته اليومية منذ سنين ، ولجوء معظم الأسر الليبية لاقتناء مولدات كهرباء خير دليل على حالة فقدان الثقة بين الطرفين .

أمور أخرى أشد وطأة مما ذكر آنفا ، تزيد من اتساع الشرخ بين المنظومة التنفيذية للدولة وبين المواطن ، تتمحور في عدم قدرة الدولة على تنفيذ قراراتها ، الأمر الذي يجعل هذه القرارات لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به .

سبق وأن سن القانون رقم ” 27 ” في العام 2013 بشأن تحسين الوضع المعيشي للأسر الليبية يتم بموجبه منح المواليد القصر منحة شهرية قدرها 100 دينار إلى حين بلوغ الذكر سن الثامنة عشر ، والأنثى إلى أن تتزوج ، بالإضافة إلى منحة أخرى للمرأة غير العاملة قدرها 150 دينار شهريا ، لكن هذا القرار وضع داخل الأدراج ، ولم يتفقده أحد حتى اللحظة ؟!!

وسبق وأن اتخذ قرار بشأن تعديل مرتبات المتقاعدين والمتقاعدات ، وتم في فترة تخصيص مبالغ مالية للبدء في تنفيذه ، وفي لحظة ما تبخر المبلغ بعد أن ذهب لوجهة أخرى ، ليبقى الحال على ماهو عليه ، ويبقى معه المواطن المتقاعد أسير الأربعمائة وخمسون دينار الني باتت هذه الأيام لا تسمن ولا تغني من جوع ؟!1

وسبق وان اتخذ قرار من قبل وزارة الاقتصاد والصناعة بشأن سعر ووزن رغيف الخبز ، لكنه بقى مجرد رقم في حزمة القرارات العامة ، فلا الرغيف تحسن ، ولا زاد وزنه ، ولا تغير سعره ، ولا إجراءات عقابية اتخذت حيال المخابز التي رمت بالقرار وراء ظهورها ؟!!

بدورها وزارة العمل والتأهيل اعتمدت خلال الأيام القليلة الماضية ” 22 ” مهنة لا يجوز ممارستها من قبل العاملين غير الليبيين ولا يجوز بها تجديد تصاريح العمالة الوافدة الممنوحة سابقا ، ولأن فاقد الشيء لا يعطيه ، سيبقى هذا المطلب مجرد حبر على ورق هو الآخر .

إن هذا الشرخ مالم تعمل الدولة على رتقه إكراما لحق المواطن الليبي في العيش الكريم على أرضه ، ستتسع الهوة أكثر فأكثر ، يصبح القول .. يامواطن أخدم ، أكدح ، هذا وطنك مجرد يافطة جوفاء لا نبض فيها ولا روح .

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button