كتاب الرائ

قمم الكلام والسلام!! –

محمد الفيتوري -

قمم الكلام والسلام!!

محمد الفيتوري

كما هي العادة يجتمع القادة والرؤساء العرب في قمم دورية من أجل تعزيز العمل العربي المشترك ومواجهة التحديات الخطيرة التي تعترض مسيرة الأمة العربية.

ولكن الواقع يكذب هذه الشعارات والأهداف بقمة تونس التي انتهت مؤخراً بسدل الستار على القمة الثلاثين العادية ولكن ماذا كانت النتائج وماذا كانت المحصلة؟.. لاشيء إلا الكلمات والتصريحات والإدانات والشجب وكل مفردات النظام الرسمي العربي التي لاتسمن ولا تغني من جوع!!!.

فحال العرب لا يسر العدو قبل الصديق والدول العربية كل يغني على حاله ولا يوجد هناك قاسم مشترك يعول عليه في النهوض من تحت الركام.

رأينا قمة تونس الثلاثين وقد خيم على أجوائها سحب عمقت من حالة التشظي والانقسام وكرست الهوة العميقة ما بين السياسات العربية العربية التي فقدت أي تأثير على الشارع العربي الذي يدرك تماماً أن القمم العربية لامنفعة ترجى من ورائها ولن يستطيع معالجة القضايا الجوهرية والاستراتيجية للأمة العربية التي أضحت ضعيفة رغم امتلاكها كافة الإمكانيات التي لو سخرت على النحو الصحيح لما كان حال العرب هكذا.

لقد شبعت الشعوب العربية من الخطابات والبيانات الركيكة وسئمت الانتصار الذي طال من أجل استرداد حقوقها ولهذا لم يعد يهمها أن تنعقد هذه القمة أم لا لأنها لاتقدم ولا تؤخر ولاتحل ولا تربط!!! فانظروا الواقع العربي وإلى أي درجة وصل ولعل لغة الأرقام تفضح هذا الواقع.. حروب وصراعات ودمار وتخلف عن ركب الأمم الأخرى هذا هو حال العرب في هذه الألفية وخيبات أمل الأجيال الراهنة كبيرة من الأنظمة العربية الحاكمة التي لا تستطيع أن تفك ارتباطها بالدول الكبرى حتى تحقق تطلعات شعوبها في مستقبل يعيشون في ظله حياة كريمة مستقرة بلا منغصات.

إن البيت العربي أضحى أهون من بيت العنكبوت وأن التمزق العربي في أبشع صورة ولا يستقيم الحديث عن تعزيز العمل العربي المشترك والعرب  يعانون من أوضاع كارثية ساهم النظام الرسمي العربي في صنعها ونجح بكل جدارة واقتدار في جر هذه الأمة التي كان ينبغي أن تكون خير أمة أخرجت للناس إلى مستنقع عميق من الصراعات والحروب والخراب والتآمر على المصالح العربية – العربية تنفيذا لأجندات خارجية ولأغراض استعمارية باتت مكشوفة.

فكل الأوضاع تأزمت أكثر فأكثر والقضية العربية الفلسطينية لم تعد أولوية على سلم اهتمامات القادة والرؤساء العرب فقد أضيفت قضايا أخرى كالجولان المحتل الذي انتزعت الولايات المتحدة الأمريكية السيادة لصالح الحليفة الأزلية الأولى لها “اسرائيل” أمام مرأى ومسمع العالم ومنظماته وقوانينه الدولية والإنسانية وأصبحت هناك قضية اليمن وما تشهده من حروب وصراعات للأسف كل أطرافها الفاعلين من العرب أي عربي يقتل عربياً ومن خلف الستارة دول تدعم هذا الاقتتال وهي ليست خافية على أحد.

وهناك سوريا المدمرة والمنتهكة السيادة وشعبها اللاجىء بالملايين في دول الجوار ودول العالم وليبيا التي تشهد واقعاً غريباً عنها يكمن في حالة الانقسام السياسي والعسكري وما ترتب عليه من تداعيات على  أمنها واستقرارها

والصومال الجرح النازف منذ عشرات السنين دون تضميد!!! والكثير من القضايا العربية العالقة التي لا يتسع هذا المقام لسردها ما أريد أن أقوله أن الخطابات الخشبية والبيانات الهزيلة التي تتمخض عن القمم العربية منذ منتصف ستينات القرن المنصرم لا تقدم ولا تؤخر ولا يمكن أن تنتج حلولاً ناجعة للشعوب العربية وتظل حبراً على ورق وحبيسة أدراج الجامعة العربية المؤسسة التي أخفقت في إصلاح هياكلها وإنجاز أهدافها الواردة في ميثاق تأسيسها عام 1945م..

ولهذا تظل قمم القادة والرؤساء وأصحاب السمو والملوك والأمراء..و.. مآدب لكلام ولكلام فقط والسلام!!!.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button