قورينا، أو Cyrene، أو الشحات، هي مسميات واحدة لأقدم وأشهر مدينة أسسها الإغريق في ليبيا، إذ كانت هذه المدينة التي لا تزال عامرة حتى الآن أوّل مستعمرة ينشئها الرحالة والتجار اليونانيون الذين كانوا يترددون على السواحل الليبية في فترة ما قبل الميلاد. وبالضبط في منطقة الجبل الأخضر شمال شرقي ليبيا.
أعطت مدينة قورينا شرقي ليبيا الاسم الكلاسيكي الذي كان يطلق عليها لقرون طويلة، وهو Cyrenaica الذي احتفظت به برقة إلى غاية العصر الحديث، كما أنها كانت من المدن القليلة التي استمرت في الوجود رغم تداول الإدارات عليها، من الإغريق المؤسسين، ثم البيزنطينيين، فالفتح الإسلامي، وصولاً إلى العصر الحديث عندما تغيّر اسمها من قورينا إلى الشحات.
وتقع في وادٍ خصب في المنطقة الخضراء، على بعد 10 كيلومترات شرق مدينة البيضاء. وتعتبر ثاني أكبر مدينة في الجبل الأخضر بعد مدينة البيضاء، كما أنها من أجمل مدن ليبيا، وفي المرتبة الثالثة من بين أجمل عشر مدن في الوطن العربي.
منذ أكثر من 2600 عام، اتجهت مجموعة من اليونانيين بقيادة باتوس الأوّل من جزيرة ثيرا اليونانية (المعروفة أيضاً باسم سانتوريني) جنوباً بحثاً عن مكان جديد للعيش فيه، بعد أن دبّ اليأس فيهم للبقاء في اليونان، فانتهت رحلتهم في الجزء الشمالي من إفريقيا في ليبيا الحديثة.
أسّس هؤلاء المستوطنون اليونانيون سنة 631 قبل الميلاد مدينة جديدة أطلقوا عليها اسم قورينا، وسرعان ما حكمها ملكها الأول باتوس لأربعين عاماً.
تقول الأسطورة اليونانية إن اسم “قورينا” جاء من اسم حورية رُصدت بواسطة أبولو وهو يصارع ويخنق أسداً في الغابة، أمّا تسميتها بـ”الشحات” فجاءت بسبب ندرة المياه، حيث احتوت على ينابيع نضبت.
كان باتوس أول شخصية قوية تحكم ليبيا، فيما أصبح فيما بعد سلالة البطياد الشهيرة، وحكم البطياد قورينا لثمانية أجيال حتى عام 440 قبل الميلاد. تحت حكمهم، تأسست مدينة أبولونيا الساحلية، جنباً إلى جنب مع برنيس، التي باتت اليوم تعرف ببنغازي.
كانت قورينا مزدهرة وكانت لها علاقات تجارية مع كل مدينة يونانية فيما يعرف الآن بالجزر اليونانية الحديثة.
إذ كانت واحدة من المدن الرئيسية في العالم اليوناني القديم مع المعابد والمقابر والأغوار وصالة الألعاب الرياضية ومدرج القيرواني الذي يُعتقد أنه مستوحى من الهياكل التاريخية لدلفي.
ثم سرعان ما أصبحت المدينة جمهورية في 460 قبل الميلاد بعد التقاليد السياسية التي أسستها أثينا.
ساهمت قورينا في الحياة الفكرية للعالم اليوناني القديم، من خلال فلاسفتها وعلماء الرياضيات المشهورين، إذ ازدهرت الفلسفة في هضبة برقة من خلال مدرستها الفلسفية الخاصة، إذ نشأت في قورينا مدرسة “Cyrenaics” الصغيرة السقراطية التي أسسها Aristippus، والذي ربما كان صديقاً لسقراط.
كما أطلق الفيلسوف الأبيقوري الفرنسي الجديد، ميشيل أونفراي، على قورينا لقب “أتلانتس الفلسفي” بفضل أهميتها الكبيرة في خلق أخلاقيات المتعة وتطورها في فترتها الأولى.
كانت قورينا أيضاً مسقط رأس إراتوستينس، الذي حدد محيط الأرض، كما تمّ اكتشاف تماثيل فلاسفة وشعراء وتمثال نصفي لديموستينيس في قورينا، مما يدل على الثقافة العظيمة التي ازدهرت في هذه المنطقة من شمال إفريقيا، التي زارها أفلاطون في إحدى الفترات.
عندما توفي الإسكندر الأكبر عام 323 قبل الميلاد، أصبحت الجمهورية القيروانية خاضعة لحكام الأسرة البطلمية، وبعد عدة قرون، أصبحت جزءاً من الإمبراطورية الرومانية كمقاطعة.
ففي عام 96 قبل الميلاد، أصبحت قورينا تحت الحكم الروماني، وفي عام 67 قبل الميلاد اتحدت مع جزيرة كريت لتشكيل مقاطعة تابعة لمجلس الشيوخ، عندما أصبحت قورينا عاصمة محلية لهذا الاتحاد.
خلال العصر الروماني تم إدخال بعض التعديلات على المباني اليونانية وتم بناء العديد من المباني الجديدة، منها الحمامات الرومانية والمسرح ورواق هرقل والعديد من المعابد والآثار، بالإضافة إلى الجدار الخارجي الذي تم تشييده في القرون الأولى بعد الميلاد، ولكن هناك العديد من الكنائس في المدينة التي يعود تاريخها إلى العصر البيزنطي الذي تلا العهد الروماني.
في العام 1913، ومع سقوط ليبيا في يد الاحتلال الإيطالي، اكتشف الجنود الإيطاليون تمثال “فينوس القيرواني” الشهير، وهو تمثال رخامي مقطوع الرأس يمثل الإلهة فينوس، الذي تمّ نقله إلى روما، حيث ظل هناك حتى عام 2008، عندما أعيد إلى ليبيا مجدداً.
يتواجد في مدينة الشحات أكبر متحف للمنحوتات في ليبيا، إذ يحتوي على حوالي مئتي قطعة أثرية نادرة، لعلّ أبرزها تمثال الحسان الثلاث الذي يبرز جمال آلهة الحسن والبهاء في الحضارة الإغريقية، إضافةً إلى الموقع الأثري المسمى بالحرم الديني الذي يشمل البوابة الإغريقية، ومبنى مجلس القادة (السترتيجون) وبوابة الحرم الرومانية النافورة (العين) الهلنستية، ومعبد هاديس، ومعبداً لمؤلف مجهول، ومعبد جايوس ماجنوس، ومعبد أبولو، ومذبح معبد أبوللو، وعمود براثوميديس ونافورة الحورية قورينا، ومعبد أرتميس ومذبحه، ومعبد هيكاتي، والمسرح الإغريقي المحول إلى إمفتياتير، وجدار نيكوداموس، وحمامات تراجان.
كما تحتوي المدينة على الفورم أو الميدان العام وأهم معالمه هو المسرح الهلّنستي أو الأوديون.
وفي منطقة التل الشرقي يقع معبد زيوس، وساحة سباق الخيول، إضافة إلى جبانة قورينا التي تتكون من مجموعة كبيرة من المقابر المتنوعة.
ورغم هذا الزخم الأثري التي تمتلكه قورينا، إلا أنّ المدينة حالياً من الإهمال والسرقة، وفي سنة 2022 أعلنت السلطات الليبية عن استعادة قطعة أثرية نادرة كانت مُهربة من مدينة شحات منذ 22 عاماً قيمتها تُقدر بـ1.2 مليون دولار سُرقت من آثار شحات سنة 2000م، ويتعلق الأمر برأس المرأة المحجبة.
وأدرجت منظمة اليونسكو مدينة شحات الأثرية وأربعة مواقع ليبية أخرى على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر في يوليو/تموز 2016، بسبب الأضرار التي لحقت بها والتهديدات الكثيرة المحيطة بها.
وأشارت المنظمة آنذاك إلى أن ليبيا لا تزال تعاني “عدم الاستقرار” الذي يجعل هذه المواقع في دائرة “التهديد الأمني” و”التعديات البشرية”.
يسرني وبكل فخر أن أتقدم بأصدق آيات التهاني والتبريكات لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية المغربية بمناسبة…
د.علي المبروك أبوقرين للتذكير جيل الخمسينات وانا أحدهم كانت الدولة حديثة العهد وتفتقر للمقومات ،…
د.علي المبروك أبوقرينقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 ديسيمبر 2007 على أن يكون 14…
في حلقة جديدة من برنامج كلام الناس 22 سلطت الضوء على أسباب سيطرة المنتجات المستوردة…
د.علي المبروك أبوقرين في نهاية الأربعينات وقبل إستقلال البلاد بمدة بسيطة , وفي ضواحى طرابلس…
د.علي المبروك أبوقرين الأعداء المتربصين بالوطن لهم أهدافهم الواضحة ، ويسعوا جاهدين لتحقيقها ، مستخدمين…