قيمنا الثقافية إلى أين ؟
■ خليفة الرقيعي
■ الحلقة السابعة
لو عرضنا ، عرضاً خاطفاً ، الواقع الثقافي وما نتج عنه من مآسي سياسية واجتماعية واقتصادية ، نرى محقون ، إلى حد كبير ، في نقدنا إلى ما آلى إليه مجتمعنا . نحن نسير في ركب سلبي حتى وصل بنا الأمر أن نبرر الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة ولم نفكر قط في طرق أبواب الاتجاهات المتجددة والمتطورة . السبب الرئيسي ، إن صح التعبير ، هو أن مؤسساتنا الثقافية غير مؤهلة على أن تكون سلاح فعال في معركة الصراع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي حتى آلت هذه المؤسسات المهمة إلى حقائب وزارية تتصارع عليها أيدي الطبقة المسيطرة للحفاظ على نصيبها وامتيازاتها المادية بدون أي وجهة حق .
وهذا كله يفسر لنا الكثير من معالم انتكاس الاستقرار الأمني والسياسي وتحول مؤسساتنا الأخرى إلى الشذوذ والخروج عن معيار ثابت محدد وتبرير حياة الترف السلطوي التي تحياها الإستقراطية القبلية والسياسات الغوغائية المترفقة عن متناول الفحص والنقد والنقاش . كل ما في الأمر لا يزيد عن الاهتمامات بالمطالب الحياتية اليومية وملذاتها التى تحول دون تحقيق أي أحداث وتغيرات إيجابية متطورة .
وعلى هذا الأساس سوف لم ولن يكون لمؤسساتنا الثقافية وزناً ولا قيمة أو قوام ولا نتوقع منها تدبراً أو حكمة . وستبقى كما هي عليه الآن … مؤسسات المناسبات تجذب الفرق الموسيقية الصاخبه باسم الثقافة ونشرها ، فالضن لا تلد إلا ضناً مثلها كما يلد الإنسان إلا إنساناً مثله ، وعلى مسمع ومرء من هذه المؤسسات سوف نبرر الروح البربرية ونبرر الوجود الأجنبي ومؤسساته المخابراتية وقواعده العسكرية السرية ونفوذه علينا ، وسوف نضفي على المادة طابع القداسة ونؤكد أوليتها على الإيمان والتفكير والشرف ونهتف للمجرم والخائن ، دون تميز بأسم التسامح والمثالية الوطنية والشرعية الدولية وسوف … وسوف .. عندها ستكنم المذاهب المختلفة الروح العلمية الإسلامية ونعتبر ما هو قائم جميل وبديع ويجب أن يظل كما هو ، ونسلم بالواقع ونتحمل الصدمة بهدوء وخنوع ، وسوف لن يقتصر الهدم على ميادين السياسة بل يتعداه إلى ميادين العقيدة ، والقيم الإيجابية الموروثه وسيطول هذا الهدم بقية علاقاتنا وارتباطتنا الاجتماعية والتشكيك في كل معايرنا وهكذا حتى نفقد الإيمان بكل شيء وولاءنا لأي شيء ويتم حقننا بمجموعة من القيم الفاسدة التي يؤمن بها الغرب أو قد يتركنا في الظلام كما نحن عليه الآن ويمر علينا ربيع عربي آخر .