ثقافة وفنون

كتاب أريج الذاكرة في حدائق الأبداع: منهجية التوثيق الشعري عند فاطمة بوهراكة

يندرج الكتاب في مجال التوثيق الشعري الموسوعي العربي، حاولت أن أضع تصورا عن هذا الحقل المعرفي المغيب عن الدراسات والأبحاث، وأن أقدم نموذجا من النماذج التي أثثت له، تمثل في الباحثة الموثقة المغربية فاطمة بوهراكة.

لقد تولد لديّ شغف بما تنجزه الباحثة، وخصوصا أنها كانت تهدني نسخا من أعمالها، وكنت أطلع عليها، وبعد أن اطلعت على كل أعمالها وموسوعاتها الشعرية العربية، وصفتها بوزارة الثقافة الشعرية العربية؛ لأنها قدمت أعمالا لم تقم بها وزارات الثقافة العربية بما تمتلكه من مقومات بشرية ومادية، لكن الباحثة بمفردها وفي زمن قياسي جاءت بما لم تسطعه هذه الوزارات وإداراتها وطواقمها، بل عجزت القيام بها. لقد جمعت الباحثة في موسوعاتها الكثير من بيانات الشعراء والشاعرات العرب في العصر الحديث والمعاصر وصورهم، وأحاطت بسيرهم وأخبارهم، أحياءهم وأمواتهم، وشيوخهم وشبابهم، بل حفرت عن أول من طبعت دواوينها من الشاعرات.

إن ما دفعني لتأليف هذا الكتاب أمران: الأمر الأول وجود فراغ معرفي في حقل التوثيق الشعري الموسوعي العربي، فلم أعثر – في حدود علمي – على كتاب أو بحث تناول التوثيق الشعري العربي الموسوعي، رغم كل الجهود التي بذلت قديما وحديثا في هذا المجال. هذا الأمر جعلني أتساءل لماذا لم يتم وضع علم التوثيق الشعري الموسوعي العربي، كي يوحد كل الجهود في إطار علمي موحد، ويضع منهجا علميا واضحا يهتدي به الباحث في مجال التوثيق الشعري الموسوعي العربي؟ ولا أدعي أنني أجبت عن هذا السؤال، بقدر ما حاولت وضع تصورات واقتراحات، علها تحاول الاقتراب من الإجابة عليه. الأمر الثاني هو أني رأيت جهود الباحثة فاطمة بوهراكة في ميدان التوثيق الشعري الموسوعي كثيرة، لكنها لم تحظ بدراسة في هذا المجال، رغم ما تستحقه من الأبحاث والدراسات، فقررت دراسة أعمالها التوثيقية.

قسمت محتوى الكتاب إلى مقدمة وأربعة فصول، تناولت في الفصل الأول حياة الباحثة فاطمة بوهراكة ونشأتها العلمية، تحدثت عن نشأة الباحثة، وتكوينها العلمي، والمناصب التي شغلتها، وسردت دواوينها الشعرية، وكتبها وموسوعاتها التوثيقية، والكتب التي تُرجمت لها، وبعضا من الدراسات النقدية التي تناولت منجزها الشعري، وإسهاماتها في المجال النقدي والميدان الثقافي والتنويري، والتكريمات والدروع التقديرية التي نالتها، قاربت في الفصل الثاني مسألة التوثيق الشعري، ومنهجه عند الباحثة فاطمة بوهراكة، فتناولت التوثيق وقيمته في صون الشعر العربي، ومفهوم التوثيق الشعري، وعرضت بعض الجهود المعاصرة للتوثيق الشعري، ووقفت عند إمكانية تصور علم التوثيق الشعري الموسوعي، كما تحدثت عن منهجية الاشتغال في التوثيق الشعري في معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين؛ باعتباره جهدا قيما وضع مجموعة من الأسس والقواعد والمعايير التي قد تفيد الباحث في ميدان التوثيق الشعري الموسوعي العربي، ثم عرضت الخطوات المنهجية في التوثيق الشعري عند فاطمة بوهراكة، وقسمتها إلى أربع مراحل: مرحلة البدء (التدشين)، مرحلة التواصل وجمع المعلومات، ومرحلة الفرز والرقن، ومرحلة المراجعة والطباعة، كما نظرت في هذا الفصل لاختلاف المنهجيات المتبعة في طرق الاشتغال بالتوثيق الشعري الموسوعي، وتحدثت عن أهمية التوثيق الشعري، وسمات الباحث الموثق في مجال التوثيق الشعري، وصعوبات الاشتغال في مجال التوثيق الشعري، جماليات التوثيق الشعري عند فاطمة بوهراكة، ومآخذ التوثيق عندها.

درست في الفصل الثالث منجز الباحثة فاطمة بوهراكة في التوثيق الشعري الموسوعي دراسة بيبليوغرافية، وتوسلت بمنهج الباحث فريد الأنصاري، الذي فقد صنف البحث البيبليوغرافي إلى أربعة أنواع: المرجعية السردية، والوصفية، والتحليلية، والنقدية، من الكتب والموسوعات التي قاربتها:

1- الموسوعة الكبرى للشعراء العرب

2- 100 شاعرة من العالم العربي: قصائد تنثر الحب والسلام 1950- 2000.

3-  كتاب 77 شاعرا وشاعرة من المحيط إلى الخليج (2007 /2017).  

4- شعراء سياسيون من المغرب (1944/2014م).

5- موسوعة الشعر السوداني الفصيح (1919-2019م).

6- 50 عاما من الشعر العماني الفصيح في ظل السلطان قابوس (1970/2020م).

7- موسوعة الشعر النسائي العربي المعاصر (1950م /2020).

8- الرائدات في طباعة أول ديوان شعري نسائي عربي فصيح (1867/2011م). 

9-  50شاعرا وشاعرة من دولة الإمارات العربية المتحدة (1971-2021م).

10- موسوعة الشعر العراقي الفصيح (1932/2022م).

11- موسوعة الشعر المغربي الفصيح: جذوة عطاء متجددة، من ثورة الملك والشعب إلى عهد محمد السادس.       

كما وقفت على مونتاج التوثيق الشعري عند فاطمة بوهراكة في حادثة الطفل ريان، وبينت دور الدراسات النقدية في تعضيد التوثيق عند الباحثة، خصوصا في كتاب جماليات التلقي في موسوعة الشعر السوداني الفصيح: رؤى وآفاق، وكتاب شعرية القصيدة العمانية المعاصرة بين البنى الفنية والقيم الدلالية. مقاربات في كتاب خمسون عاما من الشعر العماني الفصيح في ظل السلطان قابوس (2020).  

خصصت الفصل الرابع لبيان صورة الموثقة فاطمة بوهراكة في عيون الشعراء وفي عدسة الأدباء والكتّاب والنقاد.

ذيلت الكتاب بخاتمة لخصت أهم نتائج الدراسة.

لا يسعني في هذا المقام إلا أن أشكر الباحثة الموثقة فاطمة بوهراكة على صبرها وتحملها وسعة صدرها في الإجابة على تساؤلاتي واستفساراتي، كما أشكر كل من قدم لي مشورة أو معلومة.

مقتطف من مقدمة الكتاب للناقد الدكتور ماجد قائد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى