كيف تحولت السيولة النقدية إلى عيدية ؟

استطلاع/ منى الشريدي

استطلاع :

كيف تحولت السيولة النقدية إلى عيدية ؟

في الوقت الذي تطورت فيه المصارف التجارية في آلية تقديم خدماتها لعملائها في العديد من دول العالم من تمويل وصرافات مالية وقروض اجتماعية ميسرة تتيح للمواطنين فرصة تحسين أوضاعهم المعيشية ما يزال المواطن الليبي يقف منتظرا الفرج أمام أبواب المصارف التجارية التي أضحت تصد عملائها بنفور من الباب الخارجي ليذهبوا باحثين خارج أسوارها عن منافذ الصرافة النقدية ومراكز بيع العملة الأجنبية التي أصبح أصبحت تضاعف قيمة العمولة في ظل أزمة السيولة النقدية، حول موقف المواطنين من هذه الأزمة التي ما تلبث أن تنفرج على شحها وقلتها حتى يتم سحبها في أعجل ما تيسر، ليبيا الإخبارية تجولت في العديد من المدن والمناطق الليبية ورصدت لقرائها التالي:

استطلاع/ منى الشريدي

ضحية السماسرة !

وقفتنا الأولى كانت في منطقة وادي الشاطئ حيث التقينا المواطن وسام عبدالكبير وحول هذه الأزمة قال:” الجنوب مهمش ولعل ما يعانيه الآن من انعدام السيولة النقدية هو نتاج التهميش الذي طال جميع مناحي الحياة فيه فهو الحلقة الأضعف في ليبيا بأكملها حيث أن هذه الأزمة دفعت الكثير من المواطنين للتعامل بالصكوك المصرفية كحل يمكنه من شراء مستلزماته ولكن للأسف هذا الحل أوقع المواطن البسيط ضحية للسماسرة الذين استغلوا هذه الأزمة وخلقوا منها أزمة أخرى متمثلة في وجود فارق كبير بين شراء بضاعة ما عن طريق الدفع النقدي وبين شراء نفس البضاعة وفق نظام الصكوك المصرفية”.

وأضاف عبدالكبير:” إلى جانب الصكوك المصرفية فتح التجار أبواب تغيير العملات وشراء دولار نقدا مقابل صكوك مصرفية معلومة إلا أن هذه العملية أرهقت كاهل المواطن حيث ارتفاع سعر الشراء، وفي مطلق الأحوال لا نملك إلا أن نحمد الله على توفر بعض الاحتياجات الضرورية للمواطنين كاللحوم والمواد الغذائية وغيرها إذ أن أغلب الأسواق التجارية باتت تتيح لزبائنها خدمة الدفع بالصكوك المصرفية، لتتحوصل المشكلة في كيفية توفير السيولة النقدية للحصول على البنزين وغاز الطهي، ونستطيع القول أن هذه المعاملات التجارية ساهمت بشكل أو بآخر في طرح حل بديل لكنه غير جذري بالطبع مما يجعلنا في حاجة ماسة للضغط على الحكومة لتوفير السيولة النقدية لنعيش نحن المواطنون حياة كريمة”.

افتقار كفاءة

الناشط المدني عثمان القدم أبدى استياءه من تأزم الوضع في دولة نفطية حيث يرى أن:” لا مبرر لأزمة السيولة النقدية في دولة تنتج أكثر من مليون برميل نفط خام!، ليبيا لا تفتقر في الواقع للسيولة النقدية بقدر افتقارها للكفاءات الإدارية ولوجود الشخص المناسب في المكان المناسب”.

انقسام سياسي

وأردف قائلا:” نعلم كلنا أن ليبيا انقسمت سياسيا شرقا وغربا وهذا خلف أزمة حقيقة في المصارف نتج عنها شح السيولة النقدية وتفاوت الحصص بين المصارف ناهيك عن الاقتتال الحاصل في البلاد إلى جانب تكالب المسؤولين على الكراسي وعدم الالتفات للمواطن الكادح والذي يعتبر جزء أساسي لقيام أي دولة”.

انعدام

فيما أوضح الناشط المدني حامد سويسي من منطقة وادي الشاطئ:” تكاد تكون السيولة منعدمة في جل المصارف في عموم البلاد وباتت أغلب المعاملات التجارية تعتمد نظام الصكوك المصرفية حيث يتم سداد قيمة الاستهلاك للمواطنين بهذا النظام ويشمل السلع التموينية واللحوم وما شابه، كما أن هناك بعض التجار قاموا بفتح قنوات خاصة ببيع العملة الأجنبية بالصكوك المصرفية مقابل الشراء والحصول على القيمة نقدا”.

عجز

وأكد سويسي أن:” منذ شهر كانت آخر سيولة تم منحها للمواطنين ولم يتجاوز سقف السحب عندنا 500 دينار فقط لا غير ليقف المواطن عاجزا عن تدبر شؤون أهله وبيته، والكل ينتظر مبادرة من قبل الحكومة لحل هذه الأزمة التي أرهقت كاهل المواطنين وطرح بدائل كتعميم التعامل بالبطاقة الإلكترونية أو عن طريق سداد قيمة الاستهلاك بواسطة بطاقات الدفع المسبق كما في النظام المتبع للهواتف وما شابه، وما زلنا ننتظر من المجالس البلدية اتخاذ موقف أو إيجاد حل لهذه الأزمة مع أنها لم تحرك ساكنا بعد”.

تفاوت

وها هو هو المواطن عبدالسلام محمد من طرابلس يؤكد أن الأزمة واحدة في عموم المناطق والمدن الليبية:” الوضع سيء وهذه هي الحقيقة فالسيولة النقدية لا تتوفر عندنا بشكل منتظم والمواطن ينتظر أحيانا لشهور طويلة دون توفر سيولة في المصارف كما أن هناك تفاوت في سقف السحب من مصرف لآخر إلا أن هناك مصارف لديها سقف جيد وهذا يعتمد على نوعية المصرف ومن بينها تلك التي تعتمد دفع ما يقارب 1500 دينار نقدي لكل عميل من عملائها وتتناقص القيمة فيما عداها، لكن بأمانة المعيشة أصبحت صعبة والكثي من الحاجيات الأساسية تم إلغائها لعدم قدرتنا نحن كمواطنين على شرائها، وعلى الرغم من وجود نظام البطاقات المصرفية التي تتيح لنا فرصة شراء بعض المستلزمات من عدة أسواق تجارية إلا أن قيمة الشراء بتلك البطاقات مضاعفة”.

الصكوك إفلاس

كما شاركتنا الحديث حول هذه الأزمة المواطنة مبروكة أبوبكر من وادي الحياة وعبرت عن استيائها من هذا الوضع بقولها:” السيولة لا تأتينا إلا في مواسم الأعياد وهي ضحكة يراد بها بث شيء من البهجة في نفسه بغية إسكاته ليس إلا، حيث أننا الآن مقبلون على فتح أبواب المدارس وعودة أبنائنا لمقاعد الدراسة الأمر الذي يتطلب توفير ميزانية من قبل أولياء الأمور خاصة أن الدراسة تتطلب توفير الكثير من الضرورات التي لا يمكن الاستغناء عن أي منها علاوة على أننا سنستقبل الشتاء عما قريب إضافة إلى حاجتنا لتوفير وجبة غذائية صحية لفلذات أكبادنا لكن في ظل غلاء الأسعار وانعدام السيولة ليس بإمكان أي منا توفير حتى عن طريق الصكوك المصرفية التي تعتبر إفلاسا صريحا خاصة في ظل تذبذب صرف المرتبات للموظفين في العديد من القطاعات، وفي الختام أشدد على حاجتنا الماسة للتغيير نحو الأفضل”.

معيشة صعبة

ماجد الفزاني مواطن من سبها لم يكن رأيه مختلفا عما قاله من سبقه حيث أعرب عن أسفه البالغ لما آل إليه حال المواطنين في عموم البلاد:” آخر مرة استلمنا فيها مرتباتنا نقدا من المصارف كانت الشهر الماضي تزامنا مع عيد الأضحى وكان سقف السحب المتاح 750 دينار فقط وهذه القيمة لا تستطيع الصمود أمام ارتفاع الأسعار فهو لا يكفي للعيش على الإطلاق فالمواطن بحاجة للغذاء والدواء فضلا عن حاجته للسكن واللباس وما شابه وفي ظل نزوح العديد من الأسر أصبحت المعيشة صعبة”.

تقصير وعجز

الموطن عبدالسلام صالح من منطقة وادي الحياة يرى أن:” الناس تمكنت من إيجاد حلا بديلا لأزمة السيولة عن طريق شراء العملة الأجنبية بالتحويل المصرفي وبيعها نقداً بالعملة المحلية، ونحن نتعايش عن طريق الحوالات المصرفية، وفي الحقيقة آخر ما تم صرفه قبل شهرين بمناسبة عيد الأضحى ربما تسهيلا للمواطنين باعتبارها مناسبة دينية اعتاد المواطنون إحياؤها لكننا نحتاج توفير السيولة النقدية في المصارف طوال العام ونعتبر أن توفيرها في مواسم معينة تقصير وعجز من الحكومة، أما موقفنا من هذا الوضع فنحن لا نملك إلا أن نطالب الجهات المعنية بإيجاد حلا جذريا لهذه الأزمة ذلك أن التعامل بالصكوك غير مجدي فالكثير من السلع تحتاج سداد قيمتها نقدا”.

ضغط سياسي

بينما ترى المواطنة خديجة عنديدي من منطقة وادي الحياة أن:” أزمة انعدام السيولة النقدية في المصارف مسألة سياسية للضغط على الناس ليس إلا ونحن نتساءل هنا ومن حقنا أن نفعل عن أسباب توفير الجهات ذات العلاقة للسيولة في مواسم الأعياد وعدم قدرتها على توفيرها للمواطنين في غيرها من الفترات، ثم لماذا يتم منح الجنوب حصة لا تكفي المواطنين الأمر الذي يدفع مدراء المصارف لتخفيض سقف السحب لقيمة تصل إلى 500 دينار فقط، لكن الناس اعتادت العيش دون انتظار السيولة النقدية واعتمدت أغلب الأسر عندنا على التجارة والحرف اليدوية لتوفير حاجياتهم وتدبروا أمر مصروفهم اليومي، وبأمانة هناك العديد من الأسر وضعها المادي مزري للغاية، وأعتقد أن حل هذه الأزمة لا يمكن إيجاده إلا بوضع رقابة على السيولة منذ تسليمها لمندوبي المصارف المركزية والفروع التابعة لها حتى توزيعها على المواطنين”.

توزيع عادل

المواطن سالم المحجوب من منطقة رقدالين له رأي مختصر قال فيه:” آخر مرة تم فيها توزيع السيولة على مصارف المنطقة كانت قبل شهرين وسقف السحب كان 200 دينار لكل مواطن!!.. وهذه حكمة لا يعلم كنهها إلا مصرف ليبيا المركزي حقيقة، ولا أدري كيف سيستقبل ولاة الأمور العام الدراسي الجديد في ظل انعدام السيولة ونأمل أن يتم توفير السيولة النقدية في جميع المصارف وتوزيعها توزيعا عادلا بين المناطق وكذا المواطنين”.

معقول

أما المواطن أنور الوحيشي من صبراتة فاكتفى بجملة واحدة قال فيها:” الحمد لله نحن أفضل حالا من المدن المجاورة فالوضع معقول نوعا ما”.

جفاف تام

أما المواطن أحمد مازن من منطقة الجفرة فقد لخص الوضع في منطقته قائلا:” نحن في حالة جفاف تام، وهناك انزعاج شديد من قبل المواطنين من هذا الوضع فالغالبية اضطرت لبيع ذهب حرائرها لتستمر الحياة فهم لا يملكون القدرة على فعل أي شيء وبدأت الناس تستغني عن الكثير من الأشياء في محاولة منها للتأقلم مع الواقع الشحيح، ومؤخرا انتشرت عندنا معاملات الصكوك المصرفية لدى بعض التجار لكن فيها إرهاق للمواطن حيث تظهر زيادة ملحوظة عند الشراء باستخدام الصكوك المصرفية تصل إلى 40% وعلى الرغم من عدم توفرها في المصارف إلا أنها الحل الوحيد المتبقي أمامنا، كما أن تذبذب منابع ضخ السيولة النقدية زاد الأزمة فتارة نجدها تأتي من الشرق وتارة أخرى من الغرب وهذا يرجع للتبعية الإدارية المنقسمة عندنا “.

منشور له صلة

أولويات الإصلاح الصحي

د.علي المبروك أبوقرين حدث في العقدين الأخيرين تطور متسارع في التقنية والتكنولوجيا الطبية مما أثر…

6 ساعات منذ

الدكتور بوقرين يهني المغرب بنجاح أول عملية جراحية روبورتية

يسرني وبكل فخر أن أتقدم بأصدق آيات التهاني والتبريكات لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية المغربية بمناسبة…

3 أيام منذ

صلاح البلاد في إصلاح التعليم.

د.علي المبروك أبوقرين للتذكير جيل الخمسينات وانا أحدهم كانت الدولة حديثة العهد وتفتقر للمقومات ،…

4 أيام منذ

اليوم العالمي للسكري

د.علي المبروك أبوقرينقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 ديسيمبر 2007 على أن يكون 14…

أسبوع واحد منذ

كلام الناس يكشف أسباب استيراد السلع من الخارج وإهمال المنتجات الوطنية!

في حلقة جديدة من برنامج كلام الناس 22 سلطت الضوء على أسباب سيطرة المنتجات المستوردة…

أسبوع واحد منذ

فاكانيتي والوباء والتطعيم

د.علي المبروك أبوقرين في نهاية الأربعينات وقبل إستقلال البلاد بمدة بسيطة , وفي ضواحى طرابلس…

أسبوع واحد منذ