من الأخير
هشام الصيد
كيف حال الصحة ؟
الحديث عن وضع الصحة في ليبيا طويل جداً ولايمكن اختصاره في أسطر معدودة.. فالصحة تركة كبيرة ولايمكن التعامل معها بأنها قضية سهلة ويمكن ترميمها وتطويرها في أشهر معدودة حتى وإن رصدت لها الميزانيات الضخمة, والتي مالم يتم صرفها بطريقة صحيحة فإنها ستساهم في تدميرها, وعملية التطوير لاتكمن في إنشاء مستشفيات جديدة فالموجودة حالياَ موزعة بشكل جيد في مختلف مناطق ليبيا مابين “عام, قروي, تخصصي, تعليمي”, بالإضافة لوحدات الرعاية الصحية الأولية فهي موزعة على جميع المناطق.. فهذا العدد من المرافق الصحية مقارنة بعدد السكان يعتبر كبير جداً, فالمستشفيات والمرافق لاتقدم المرجو منها لخدمة المواطن . وماينقصنا في هذا الجانب هو التنمية البشرية والإدارة الكفوءة لتسييرها لتقديم أفضل الخدمات الطبية للمرضى, وإعادة الثقة في الطبيب الليبي الذي بدأ ينفر منه المرضى ويتجهون للعلاج في الخارج بسبب تردي الخدمات الطبية المتمثلة في طبيب جوه مش رايق للكشف على المريض, أو ممرضة لاتحمل من صفاتها سوى “البالطو الذي ترتديه”, ولانريد هنا الحديث عن الرنين المغناطيسي المتعطل دائما عن قصد أوبدونه مايضطر المريض لإجرائه في مراكز تصوير القطاع الخاص, وحتى الذي يشتغل في مستشفيات طرابلس وبعلاقات شخصية يتمكن من حجز موعد بعد شهر, فبالله عليكم كيف لمريض عمود فقري أن ينتظر شهر من أجل صورة مقطعية , ولانريد هنا الحديث عن معاناة مستشفيات المناطق التي تبعد مئات الكيلو مترات عن طرابلس فهذه قصة مؤلمة لوحدها, ويتكبدون مشاق السفر لطرابلس من أجل الحصول على خطة طبية طبعاً في مصحات القطاع الخاص” إضافة إلى نقص مشغلات التحاليل التي يتكبد مصاريفها المريض على الرغم من وجود معامل في كل مستشفى, وعندما يطلب منك الطبيب المعالج إجراء التحليل الفلاني وبكل أسف يخبرك فني المعمل بأنها غير موجودة بسبب نقص المواد ويرشدك للمعمل الموجود بالقرب من المستشفى لإجرائه هناك !!.. وهكذا في الصيدلية عند استلام الدواء ..
أيعقل أن يكون القطاع الخاص أكبر إمكانيات من الدولة في توفير الأدوية والمعدات الطبية .. فهذا السؤال الذي يدور في ذهني ولم أجد له أي إجابة وعندما تسمع بالميزانيات التي رصدت لوزارة الصحة واعلانات لجان العطاءات تقول في قرارة نفسك بأن الصحة في ليبيا بألف خير . وكنت قدعرجت في البداية بأن المساحة لاتكفي لسرد كل السلبيات التي تعاني منها الصحة في بلادنا فمازال الكثير والكثير الذي لايسع المجال لذكره, وطالما لازال المريض يوجد من يرافقه داخل المستشفى وهو من يحضر معه الوسادة والبطانية معه عند دخوله المستشفى ماعلينا إلا أن نقول “نسأل الله السلامة للجميع”.. مع خالص الشكر والتقدير للجهود التي تبذل من قبل المسؤولين في وزارة الصحة مؤخراً, وما زيارة مدير إدارة الشؤون الطبية بالوزارة الدكتور ” الطاهر عبدالعزيز” والفريق المرافق له في رحلة تجاوزت 5000 ألاف كيلو متر للوقوف على احتياجات مستشفيات الجنوب من أجل تذليل الصعاب التي تعيق سير عملها ماهي إلا خطوة في الاتجاه الصحيح, وبداية جيدة لتعافي قطاع الصحة المنهك والهزيل.