لماذا لا يحبذ الليبيين ممارسة المهن التي تعتمد على المجهود البدني ؟
= نحتاج إلى ” أوساهيرا “ ليبي وفي أكثر من مجال !!
= لابد أن تتوافق مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل
= عدم الاهتمام بالتدريب المهني والتقني الفعال سيفاقم المشاكل الاجتماعية !!
استطلاع : إدريس أبوالقاسم
في أكثر من مكان بطرابلس وغيرها من المدن ، تجد اليد العاملة الأفريقية والعربية خلال الساعات الأولى من كل صباح بانتظار فرصة عمل ، أو صاحب عمل سبق التفاهم معه على إنجاز عمل ما . وكل منهم يستعرض مهنته على طريقته ، فهذا يضع أمامه انابيب بي بي أر كدليل على حرفته في مجال السباكة ، وثان يضع أمامه قطعة بلاط أو بورسيلين لتبيان إمكاناته في رصف الأرضيات بالبلاد أو تركيب السيراميك والبورسلين ، وآخر يضع أمامهبعض الأدوات الدالة على أنه ” أسطى ” تركيبات كهرباء منازل .
فيما يتميز العمال الأفارقة برفقة المعول والمطرقة والشاكوش كدليل على إتقانهم الحفر وهدم وتقشير الحيطان .
هؤلاء جميعا مع الساعة العاشرة صباحا على أبعد تقدير لا تجد أحدا منهم ، ذلك لأن كل منهم قد وجد فرصته في عمل محدد يحتاج إلى يوم أو عدة أيام ، وهذا الحال يتكرر بصورة دورية ، توضح بجلاء مدى الحاجة إلى من يتقن حرفة ما في مجال الصناعة كالحدادة أو الميكانيكا أو النجارة أو في مجال البناء بمختلف احتياجاته .
هذه العمالة الوافدة جراء الحاجة إليها فرضت بحكم الأمر الواقع أجرتها ، حتى أضحت يومية العامل العادي تتجاوز المائة دينار !!.
ولأن فرصة العمل متاحة بوفرة فالكثير من هؤلاء العمال يعودون إلى بلدانهم بمبالغ مالية لا بأس بها في وقت قياسي !! .
أمام هذا الحال يبرز السؤال الذي مفاده ” لماذا لا يحبذ الليبيين ممارسة المهن التي تعتمد على المجهود البدني ؟
المناخ المناسب لم يتوفر بعد !!
وللوصول إلى إجابة مقنعة لابد من سبر آراء المواطنين للوقوف على أسباب هذه المناكفة . وكانت البداية مع : –
الشاب محمد عاشور .. بكالوريوس تجارة إلكترونية . سألناه .. لماذا لا يحب الشباب الليبي المهن العضلية على الرغم من كونها مطلوبة ومجدية ماديا ؟
فقال .. هناك أكثر من سبب أولهم انحسار هذه المهن في منظومة القطاع الخاص ، وهذا القطاع لا يمنح العامل العادي أو المهاري حقه ، حيث لا ضمان اجتماعي ولا مرتب يتناسب مع الجهد المبذول ، وثانيهما أن صاحب العمل يحبذ التعامل مع العامل المغترب !! وثالثهما أن العمل في المجالات الحرفية تحتاج إلى مناخ مناسب ، وهذا الوضع لا يتوفر بالصورة التي تحققها الوظيفة العامة ، اللهم إلا إذا كنت أنت صاحب العمل ، وأنت من تديره وتشرف عليه ، وهنا الأمر يختلف ، فالفرق بين أن تعمل تحت أمرة غيرك ، وبين أن تكون أنت رب العمل .
الضمانات التي توفرها الوظيفة العامة لا تجدها في القطاع الخاص !!
سالم على .. صاحب محل خضار .. سألناه ذات السؤال فقال .. محدثكم لدي شهادة جامعية ، ولم اتحصل على فرصة عمل فالتجأت إلى مشروعي الصغير هذا باعتبار أني من أسرة كانت تمارس الزراعة ، وأفهم في شئونها .
قلنا له .. هناك مهن تدر أموالا تفوق بمرات عديدة ما توفره الوظيفة العامة ، فقال هذا صحيح لكن الضمانات التي توفرها الوظيفة العامة لا تجدها في القطاع الخاص ، وللأسف الشديد نجد الدولة في السابق واللاحق تهتم بالتخصصات العلمية النظرية ، ولا تعطي للتخصصات التطبيقية والحرفية حقها . وأضاف .. انظروا إلى كشوفات الموفدين للدراسة بالخارج تجد نصف التخصصات هي تخصصات نظرية لا تفضي إلا إلى كوادر أكاديمية فقط . وأردف قائلا .. هل سمعتم بإيفاد طلبة من معاهد التدريب المهني للدراسة التطبيقية في بلدان لها بصمتها في مجال معين ؟
لا نجد اهتمام من الدولة ولا من رأس المال الخاص !!
المهندس علي الصيد .. تحاورنا معه في ذات الموضوع .. فكان رده .. المهن التي تتحدون عنها تحتاج إلى مهارة كبيرة من ممارسيها ، وهذه المهارة لا يمكن اكتسابها إلا بالتدريب أو الممارسة منذ الصغر . ففي تونس والمغرب نجد التدريب على الصناعات التقليدية ، وفنون الطبخ ، والحلاقة تتم على أعلى المستويات ، وتتاح للمتميزين مواصلة التعلم في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا . وفي تركيا وسوريا نجد اهتمام واسع من الدولة بصناعة النسيج والحياكة والملابس والأحذية ، وفي غانا هناك مدارس خاصة لتعليم ” اللياسة ” وتركيب البلاط والسيراميك ” وهذا الاهتمام مدعم بالقوانين واللوائح التي تدفع باتجاه ممارسة هذه المهن عن طيب خاطر وبامتنان تام . أما في بلادنا لا نجد اهتمام من الدولة ولا من رأس المال الخاص الذي لا يريد أن يتعب نفسه في التدريب والمجازفة بأمواله ، فلم يغادر حلبة التجارة !!
الاستثمار في العنصر البشري أكبر مكسب ، وهو مفتاح التنمية
عز الدين الصالحي . موظف .. قال .. للارتقاء بهذه المهن لا بد من الارتقاء باستحقاقاتها ، ولابد أن تتاح لمزاوليها فرصة تطوير قدراتهم المهنية . كيف تريد من الشاب الليبي أن يمارس مهنة ذات مجهود عضلي كالبناء والحفر وصيانة الآلات دون حوافز تشعره بالرضاء ؟
ينبغي أن تزول النظرة السائدة سابقا التي تتعامل مع منتسبي مراكز التدريب المهني على أنهم فاشلون دراسيا ، وأن قدراتهم الذهنية محدودة . وينبغي أن تعطي الدولة لهذه المهن الفرصة للازدهار عبر حزمة من القرارات والقوانين والحوافز . وينبغي أن يكون ما فعله إمبراطور اليابان عندما قرر أن تدخل بلاده مجال الصناعة حيال ” أوساهيرا ” الملقب بأبو المحرك الياباني . بمنحه وسام الإمبراطورية الذي هو أعلى وسام في البلاد . معيارا للتعاطي مع احتياجات البلاد من العمالة الماهرة في شتى المجالات . واختتم المهندس على كلامه قائلا . هذه هي التنمية الحقيقية في نظري ، إن الاستثمار في العنصر البشري أكبر مكسب ، وهو مفتاح التنمية التي باتت بلادنا في أمس الحاجة إليها .
البلاد بحاجة لمعاهد تدريب مهني عالية المستوى والإمكانيات
أبوالقاسم الهمالي .. متقاعد .. حرك الحوار الذي دار بجواره رغبته في الإضافة فقال .. التشجيع والتحفيز والارتقاء بمفهوم هذه المهن مطلوب ، وعلى الدولة التي تتطرق للتنمية في كل عام عند وضع الميزانية ، وتحسب لهذه الاستحقاقات حسابها الذي تستحق من الاهتمام .. البلاد بحاجة لمعاهد عالية المستوى والإمكانيات ، وبحاجة إلى حزمة قرارات تجذب الطالب جذبا نحو هذه المدارس والمعاهد .
وأضاف قائلا .. حتى وقت قريب كانت العمالة التي تدير المقاهي والمطاعم كلها عمالة وافدة ، وخلال السنوات القليلة الماضية دخل الشباب الليبي على الخط فأتقنوا صناعة الحلويات والسندويتشات والقهوة والبيتزا ، وازداد عددهم . حدث ذلك لأنهم وجدوا ضالتهم التي هي المردود المالي المناسب للجهد المبذول ، وكذلك الحال بالنسبة لمهنة الحلاقة التي بدأت هي الأخرى تأخذ موقعها بين الشباب .
لابد من اعتدال ميزان مخرجات التعليم مع حاجة السوق واستحقاقات التنمية
ناصر حسن .. موظف .. قال ” من غير المعقول ولا المجدي على المدى القريب والبعيد أن تبقى البلد رهينة العمالة الأجنبية في كل شئ في الزراعة ، وفي تربية الدواجن ، وفي أعمال البناء والتشييد ، وفي أعمال النجارة والديكور والطلاء ؟!!
نادرا ما تجد ورشة صيانة يعمل بها عنصر ليبي ، وإن وجد فهو في الغالب صاحب الورشة أو أحد أقاربه ، أما باقي العمالة ستجدها وافدة !! .
وأضاف قائلا ” للأسف .. محال بيع اللحوم ومحال بيع الخضروات هي رهينة العمالة المصرية ، وكذلك ورش السمكرة والميكانيكا والحدادة والنجارة والخراطة تجدها بيد العمالة السودانية والتونسية والمغربية والأفريقية !!
يحدث هذا أمام أعين المسئولين ، في حين تصل نسبة البطالة بين الشباب إلى معدلات مخيفة فاقمت من المشاكل الاجتماعية والتي من بينها تأخر سن الزواج وزيادة نسبة العنوسة .
وما يسمى بدعم المشروعات الصغرى والمتوسطة لن يجدي نفعا مالم يتم الاهتمام بالتدريب والتأهيل المحلي والدولي على أعلى المستويات ، ويعتدل ميزان مخرجات التعليم مع حاجة السوق واستحقاقات التنمية ، سيبقى الحال على ماهو عليه ، ويزداد الثقل على الدولة التي ستعاني كثيرا في المستقبل لردم الهوة التي تسبب فيها إهمال التأهيل والتدريب الفعال الذي سيساهم مع مرور الوقت في تحريك سواكن الصناعات التحويلية والأولية .
يسرني وبكل فخر أن أتقدم بأصدق آيات التهاني والتبريكات لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية المغربية بمناسبة…
د.علي المبروك أبوقرين للتذكير جيل الخمسينات وانا أحدهم كانت الدولة حديثة العهد وتفتقر للمقومات ،…
د.علي المبروك أبوقرينقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 ديسيمبر 2007 على أن يكون 14…
في حلقة جديدة من برنامج كلام الناس 22 سلطت الضوء على أسباب سيطرة المنتجات المستوردة…
د.علي المبروك أبوقرين في نهاية الأربعينات وقبل إستقلال البلاد بمدة بسيطة , وفي ضواحى طرابلس…
د.علي المبروك أبوقرين الأعداء المتربصين بالوطن لهم أهدافهم الواضحة ، ويسعوا جاهدين لتحقيقها ، مستخدمين…