متون .. وهوامش
شيء اسمه الذوق العام
■ الهادي الورفلي
الثقافة ليست مجرد كلام . ننتجه . أو نكرره . أو نكتبه لنورّته للأجيال القادمة لتلوكه كما نلوك نحن اليوم ما ورثنا ممن سبقنا فهي أيضاً ابنة الواقع , منه ولدت , وفي حضته تموت , وتجذرت , وفيه ومنه أثرت وتأثرت … والثقافة هي التي تصنع التحولات والتطورات الاجتماعية الحضارية من خلال الإنسان الذي تطور بهذه الثقافة ومنتجاتها السلوكية المختلفة , وشكلت رؤى إيجابية جعلت من هذا الإنسان صانعاً للتقدم الذي تنعم البشرية اليوم به ..
الإنسان إذن هو صانع التقدم , والثقافة هي الأداة التي بها يتأهل هذا الإنسان لمثل هذا العمل العظيم .., وهو ذاته من يجني ثمار هذا المنجز التاريخي الذي هو التقدم والحياة المتطورة علمياً .., وهو الإنسان الذي يسميه علم الحضارة ” الإنسان الإيجابي” أو “الإنسان الفاعل ” وعليه من الخطأ أن نطلق على غير هذا الإنسان الإيجابي الفاعل صفة ” المتحضر” إن خلاصته التقدم كجهد هي ترقية ” الإنسان إلى مستوى ” الإنسان الرفيع ” سلوكاً , وذوقاً وتعاملاً , وخلقاً , … وكل من لم يبلغ هذا المبلغ من التقدم والرقي , والرفعة هو إلي طور ما قبل التقدم أقرب مهما حاول أن يظهر في مظاهر هذا التقدم .. إننا نصدم كل يوم بمئات المظاهر , والسلوكيات والتصرفات الصادمة للذوق العام على مستويات مختلفة .. فهذا ” إنسان بذيء ” لا يجيد ” ذوق الحديث ” وذاك إنسان ” سيء السلوك ” يمارس عدوانيته ضد الآخرين .. , وثالث يؤذي البيئة .. , ورابع لا يحترم قواعد وقوانين السير .. وخامس يعبث بالممتلكات العامة .. إلى آخر هذه التصرفات المشينة التي تشير فقط إلى ” إنسان متخلف ” لم تهذبه الثقافة ” ولم تعلمه الحضارة وأيضاً لم يصقله الرقي .. وهو حتى الآن ” همجي” السلوك يعيش تحت ” خط الذوق” الخاص والعام .. إنسان لم ” يستأنس ” بعد , رغم وجوده المادي بين المستأنسين من بني قومه … فهل يعيد أمثال هؤلاء تقويم سلوكياتهم .. ?
ويتعلمون شيئاً اسمه الذوق العام ? فلا نعود نرى ما نراه اليوم من سلوكيات لا حضارية وللأسف من إنسان يدعي التحضر ويستخدم كل وسائل الحضارة.