التصنيفات: كتاب الرائ

متون وهوامش – عن الفلنديين.. والمعلقات السبع .. والقيل والقال

حارث الورفلي

متون وهوامش

عن الفلنديين.. والمعلقات السبع .. والقيل والقال

حارث الورفلي

للكلام عندنا نحن العرب وجهان .. أحدهما محمود .. والآخر مذموم .. فأما المحمود منه فهو الفصيح .. ذو البيان .. ، و به نفخر ..، ونعتز بصاحبه .. ، أمَّا المذموم من الكلام فهو المشوه في معانيه ، وتراكيبه .. ، وصوره وبيانه .. ، غير إننا في الإجمال ” أمة كلام” .. فنحن في الغالب ” نقول ما لا نفعل ” ونبجل “المتكلم” أكثر من ” العامل” .. فعن المتحدث الجيد نقول “المفوه” ، و”الخطيب” .. و” البليغ ” .. ، ولا غرابة إن كانت ثلثا ثقافتنا “كلام” .. نثراً ، وشعراً ، وحكماً ، وحكايات ، وأقوالاً وتوقيعات .. فما نحن إلا سادة “الكلم” .

ظلت “شهر زاد ” تلهي “شهر يار ” ألف ليلة وليلة ” بالحكي” والكلام المباح “دون إحساس بأن “الوقت ” كالسيف إن لم تقطعه قطعك ” .. ودون أن يحتج المستمعون عن كل هذا الهدر للوقت .. ، بل جعلوا من شهر زاد وشهريار إرثاً ثقافياً أهم وأكبر من عمل ” ابن فرناس ” الذي حاول الطيران .. وسقط شهيداً في سبيل ذلك الكلام “ثروتنا ” العروبية .. ومنبع فخرنا الشفوي به تعلقنا ..، وله قلنا فيه ، وبه “سبع معلقات ” هن صفوة    “حكينا” الممتد لآلاف السنين .. ، مات ابن سيناء وكاد يغيب ذكره وهو “العامل ” الجليل.. ، وظلت “معلقات الكلام ” معلقة في أذهاننا حتى اليوم .. ، وربما لآخر الدهر ..

نعم نحن “أبرع” من تكلم .. ، وأول من جعل من الكلام حرفة يمتهنها ” العاطلون ” عن العمل ..، فالخطابة حرفة .. والشعر حرفة .. والنثر ، والرواية حرفة ، ممتهنوها رغم موتهم منذ آلاف السنين .. مازالوا أحياءً بيننا يرزقون ” .. يلهوننا عن “العمل ” .. يخدعوننا ” بالقيل والقال ” .. ولا شيء أكثر من ذلك ولا أقل ففي النهاية ليس إرثنا الحضاري سوى كلام “تذروه الرياح ..” أما العمل فقد أوكله سادة العرب إلى عبيدهم ..، ورغم ما بذله “العبيد ” من جهد غير أن “التاريخ لا يكتبه العبيد ” ..، وما صاغه السادة ليس أكثر من “هراء ” لا يسمن ، ولا يغني من جوع .. فبين القصيدة ” وحدائق بابل المعلقة مسافة هي الأبعد حتى الآن بين الحقيقة والخيال .. بين الذي يعمل  والذي يقول .. ، تقول دراسة خاصة بطبائع الشعوب ” إن الفلنديين ” هم أقل الشعوب كلاماً ورغم أننا لا نعرف حتى لغتهم إلا أن العديد من المخترعات التي بين أيدينا هي من صنع أيديهم ..

أيها الفلنديون لقد أثبتم ما قلناه ، نحن منذ أكثر من ألف عام .. ” إن أفضل العمل ..” العمل في صمت ” .. وأسقطتم بكلمات قليلة ” صنع في فلندا ” كل ما قلناه في معلقاتنا السبع .. ” أليس الكلام ما قل  ودل ” ؟

 

 

منشور له صلة

أولويات الإصلاح الصحي

د.علي المبروك أبوقرين حدث في العقدين الأخيرين تطور متسارع في التقنية والتكنولوجيا الطبية مما أثر…

ساعتين منذ

الدكتور بوقرين يهني المغرب بنجاح أول عملية جراحية روبورتية

يسرني وبكل فخر أن أتقدم بأصدق آيات التهاني والتبريكات لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية المغربية بمناسبة…

3 أيام منذ

صلاح البلاد في إصلاح التعليم.

د.علي المبروك أبوقرين للتذكير جيل الخمسينات وانا أحدهم كانت الدولة حديثة العهد وتفتقر للمقومات ،…

4 أيام منذ

اليوم العالمي للسكري

د.علي المبروك أبوقرينقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 ديسيمبر 2007 على أن يكون 14…

7 أيام منذ

كلام الناس يكشف أسباب استيراد السلع من الخارج وإهمال المنتجات الوطنية!

في حلقة جديدة من برنامج كلام الناس 22 سلطت الضوء على أسباب سيطرة المنتجات المستوردة…

7 أيام منذ

فاكانيتي والوباء والتطعيم

د.علي المبروك أبوقرين في نهاية الأربعينات وقبل إستقلال البلاد بمدة بسيطة , وفي ضواحى طرابلس…

أسبوع واحد منذ