باختصـــار
■
من لهيب معارك طرابلس الساخنة إلى صقيع موسكو وصولًا إلى برلين التي تتجه إليها أنظار و قلوب الليبيين بعد أن أضناهم التعب في رحلة البحث عن السلام والاستقرار الذي افتقدوه لسنين . لم يكن الوصول إلى برلين سهلاً ، فلقد اقتضى الأمر محطات ومحطات وحجوزات وانتظار أمام بوابات مطارات عدد من الدول شمالاً وشرقاً وغرباً ، جنيف باليرمو أبوظبي باريس روما الصخيرات موسكو وتونس ، وكلها محطات عمقت الجراح وباعدت بين الأشقاء .
اقتربت ساعة الحقيقة ولم يعد يفصلنا عن رحلة الألف ميل إلا القليل ( لضرورات فنية شرعت في كتابة هذه الزاوية قبل انطلاق فعاليات المؤتمر ) الذي سيكون الإنطلاقة الفعلية لحلحلة الأزمة الليبية ، خاصة وأن عملية التحضير له أخذت الكثير من الوقت والجهد من قبل رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الدكتور غسان سلامة ، والدبلوماسية الألمانية التي قامت بجهود مكوكية من أجل الإعداد الجيد له ، وهو ما انعكس في تصريحات المستشارة إنجيلا ميركل التي أعربت عن تفاؤل حذر بخصوص المؤتمر وعن أملها في تحقيق خطوات إلى الأمام تنتهي بحل تفاوضي للأزمة الليبية والحصول على تأكيد التزام إقليمي ودولي لحظر السلاح المفروض على ليبيا من قبل الأمم المتحدة منذ العام 2011 ، وهو الذي زاد من حدة الصراع ، وما يعطي زخماً أكبر للقاء برلين هو مشاركة الخمسة الكبار ( الولايات المتحدة فرنسا روسيا الصين وبريطانيا ) إضافة إلى إيطاليا تركيا مصر الجزائر والكونغو عن الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ) ، وهي مشاركة ستنعكس بالتأكيد إيجابيًا على المؤتمر ويتضح من خلال قراءة أولية لمسودة البيان الذي سيصدر عن المؤتمر التركيز على ” ستة محاور غير محاور القتال في طرابلس المنكوبة ” هي وقف الأعمال القتالية ووقف دائم لإطلاق النار، وتطبيق حظر الأسلحة، وإصلاح قطاع الأمن، والعودة إلى عملية سياسية، وإصلاح اقتصادي، واحترام القانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان ، واحتمال كبير أن يضاف بند سابع متمثل في الدعوة لاستئناف عملية تصدير النفط .
إلى هنا والنوايا الدولية على الأقل (ورقيًا) تتماهى مع مطالب الليبيين في الأمن والسلام ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل سيكون المؤتمر محطة كالمحطات التي سبقته في تناول الأزمة الليبية أم أنه سيكون محطة للخروج من النفق المظلم . وما بين أماني غوتيرش وحذر ميركل وتربص الأطراف الإقليمية والدولية وتطلعات البسطاء مابين نازح ومهجر في ليبيا ؟ لننتظر ما سيحدث بعد محطة برلين .