كتاب جدير بالمطالعة :
■ محمد بلقاسم الككلي
مكيافلي بين الأمير والمطارحات 3/2
توقفنا عند القول إن نقد آراء مكيافلي كان مبكراً وعنيفاً وشخصياً في الغالب وارتكز على دراسة سطحية ذات أحكام مسبقة مما نتج عنها سوء فهم لأفكاره ‘ كتاب المطارحات الذي يقع في( 765 صفحة) هو الثاني ويشكل أهمية بالغة لمعرفة آراء وأفكار مكيافلي على الرغم من أن كتابه الأمير يفوقه شهرة ‘ لقد جمع مكيافلي في المطارحات معظم آرائه في السياسة, الحرب, الإدارة, أصول الحكم, القانون, الأخلاق, الدين, العلاقات الدولية الخ, وقد اتبع فيه أسلوباً مختلف تماماً عن الأسلوب الذي كتب به الأمير, مبدياً ميوله إلى نظام الحكم يؤثره على غيره من أنظمة الحكم الأخرى, المتمثل في تمجيده لروما ‘ في مقدمته للطبعة الإنجليزية والتي تضمنتها الطبعة الأولى للعربية من المطارحات يقول ليسلي ووكر, (لقد وافقت بعد تردد طويل وتذمر كبيرين على ترجمة المطارحات, ولم يكن تذمري ناجماً عن أنني سألقي في سلة المهملات كثيراً من العمل الذي كنت قد بدأت فيه والتخلي عما يخيل إلي أنه أكثر مظاهر هذا العمل أهمية ) أن سبب تذمر ليسلي ووكر من ترجمة المطارحات يعود كما يقول (أنني إذا قمت كيسوعي بترجمة المطارحات فإنني سأبدأ وكأنني أوافق مكيافلي على كل ما قاله, ولا سيما المبدأ المشهور الغاية تبرر الواسطة, وهو مبدأ اتهمت الرهبنة اليسوعية التي أنتمي إليها منذ عهد بعيد بأنها تتبناه, مع أنها كانت في الحقيقة تعارضه دائما) وللدفاع عن نفسه من تهمة تبني أفكار مكيافلي يقول (وبوضوح مطلق أرفض هذا المذهب (الغاية تبرر الواسطة) رفضاً باتاً, في أصوله وفروعه, وإنني اعتبره مع جميع ما تفرع عنه ونتائجه أمراً مفسداً وضاراً) أن ليسلي ووكر في نقده للمطارحات يرفض المذهب القائل بأن من حق الإنسان أحياناً, بل من الحكمة, أن ينكث بوعده وان لا يلتزم بتعهداته, ويرفض أيضا النظرية القائلة, بأنه من الضروري بعد الثورات التخلص نهائياً من جميع الذين يعادون العهد الجديد, لأن ذلك عملية ليست منافية للأخلاق فقط, بل إنها مؤذية في نتائجها’.